جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في تحوّل استراتيجي لافت على خارطة الاقتصاد العالمي، تمكنت دول مجموعة البريكس من تحقيق طفرة اقتصادية جديدة عززت مكانتها على حساب مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (G7)، إذ بلغت حصة البريكس من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2023 نسبة 36.8%، وهو أعلى مستوى تسجله في تاريخها. في المقابل، تراجعت حصة G7 إلى أقل من 29%، لتسجل 28.86% فقط، ما وسّع الفجوة بين التكتلين إلى 8 نقاط مئوية، وهي الأوسع منذ تأسيس البريكس عام 2006.
تحليل المعطيات: صعود البريكس وتراجع G7
اعتمدت هذه الأرقام على بيانات صندوق النقد الدولي التي حللتها وكالة “ريا نوفوستي”، والتي كشفت أن مجموعة البريكس حققت خلال العام الماضي زيادة بمقدار 0.64 نقطة مئوية في مساهمتها في الاقتصاد العالمي. في المقابل، خسرت مجموعة السبع الكبرى 0.42 نقطة مئوية من حصتها مقارنة بالعام السابق.
هذا التحول الاقتصادي يعكس، حسب الخبراء، التحول المستمر في مراكز الثقل الاقتصادي من الغرب إلى الشرق والجنوب العالمي، وهو ما يترجمه التفوق العددي والنوعي لاقتصادات البريكس الناشئة.
قوة دفع تقودها الصين والهند وروسيا
توضح البيانات أن أبرز الدول المساهمة في هذا النمو داخل البريكس كانت الصين، التي ارتفعت حصتها إلى 19.45%، أي بزيادة قدرها 0.34 نقطة مئوية خلال عام واحد، تليها الهند التي رفعت حصتها إلى 8.25% بزيادة قدرها 0.25 نقطة، ثم روسيا بـ 3.54% بعد ارتفاع طفيف قدره 0.05 نقطة.
كما أظهرت كل من إثيوبيا، إيران، الإمارات، والبرازيل زيادات طفيفة في حصتها من الاقتصاد العالمي، ما يعكس تنامي الدور الاقتصادي للأعضاء الجدد في المجموعة.
تراجع جماعي في G7 بقيادة اليابان وألمانيا
في المقابل، عانت جميع دول مجموعة السبع من تراجع في مساهمتها الاقتصادية العالمية. وكانت أبرز الانخفاضات من نصيب اليابان التي انخفضت حصتها إلى 3.3%، وألمانيا إلى 3.06%، بعد خسارة كل منهما 0.1 نقطة مئوية.
كما تراجعت حصة بريطانيا إلى 2.2%، وفرنسا إلى 2.2%، وإيطاليا إلى 1.8%. أما الولايات المتحدة، فرغم حفاظها على مركزها كأكبر اقتصاد فردي، فقد تراجعت حصتها من 14.94% إلى 14.88%.
العضوية المتوسعة للبريكس تضيف زخماً جديداً
شهد عام 2024 توسعاً غير مسبوق في عضوية البريكس، إذ انضمت كل من مصر، إثيوبيا، إيران، والإمارات العربية المتحدة إلى التكتل الذي كان يضم سابقاً البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا. ومع بداية عام 2025، انضمت إندونيسيا رسميًا، رغم أن بياناتها لم تُدرج بعد في التحليلات الحالية.
هذا التوسع يعكس الرغبة العالمية المتزايدة في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي الدولي بشكل أكثر تعددية وتوازناً، بعيدًا عن هيمنة الغرب التقليدية.
ماذا يعني تفوق البريكس على G7؟
يعني هذا التقدم أن الكتلة الشرقية والجنوبية من العالم بدأت في فرض تأثيرها على الاقتصاد العالمي، وبدأت تلعب دورًا محوريًا في رسم السياسات الاقتصادية والتجارية والمالية الدولية. ويمنحها هذا التفوق قدرة تفاوضية أكبر داخل المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومجموعة العشرين.
الفرصة والتهديد: كيف تتعامل G7 مع التراجع؟
في ظل هذا التراجع، تجد دول مجموعة السبع نفسها أمام خيارات صعبة: إما إعادة هيكلة اقتصاداتها لمواكبة التحولات الجديدة، أو مواصلة التراجع أمام ديناميكية اقتصادات البريكس. وتشير بعض التقارير إلى أن G7 بدأت بالفعل في دراسة خطط للتقارب مع الاقتصادات الناشئة ومراجعة استراتيجياتها المالية والتجارية.
نظرة مستقبلية: هل يواصل البريكس التوسع؟
من المرجح أن يستمر تكتل البريكس في توسيع عضويته خلال السنوات المقبلة، مع اهتمام العديد من الدول بالانضمام إليه مثل الأرجنتين، نيجيريا، والمكسيك. وإذا تحقق ذلك، فمن المتوقع أن تتوسع حصة البريكس لتقترب من نصف الناتج المحلي العالمي، وهو ما سيكون له تداعيات عميقة على التوازنات الاقتصادية والسياسية العالمية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر