جدول المحتويات
«نبض الخليج»
شهد القصر العدلي في مدينة حلب،اليوم، احتجاجات واسعة من قبل القضاة والمحامين، تضامناً مع القاضي أحمد حسكل، المعروف إعلامياً بـ”قاضي الإرهاب”، وذلك إثر مشادة كلامية وجسدية جرت بينه وبين رئيس قسم شرطة مخفر الصالحين، على خلفية ما وصفه شهود بتصرف القاضي بطريقة “غير لائقة” تجاه عناصر دورية أمنية.
وعلى إثر الحادثة، امتنع عدد كبير من القضاة عن عقد الجلسات القضائية، ونفذوا اعتصاماً داخل المبنى تعبيراً عن تضامنهم مع زميلهم، ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والحقوقية حول خلفيات ودلالات هذا الموقف.
تفاصيل الواقعة
بحسب روايات شهود عيان، فقد أظهر رئيس قسم الشرطة تصرفاً منضبطاً أثناء الحادثة، في حين قدّم القاضي نفسه بلهجة اعتُبرت “متفاخرة”، قائلاً إنه “قاضي إرهاب” منذ عام 2010، وهو المنصب الذي شغله خلال فترة عمله في محاكم تابعة للنظام السوري السابق. هذه التصريحات أثارت استياء الحاضرين، خاصة في ضوء الاتهامات الموجهة لحسكل وزملائه في تلك الحقبة بالمشاركة في إصدار أحكام قمعية ضد ناشطين وثوار، وصلت في بعض الحالات إلى الإعدام والاعتقال التعسفي.
دعوات إلى العدالة الانتقالية
المحامي عبدو فاروق عبد الغفور صرّح أن الاعتداء على قاضٍ أثناء تأديته مهامه، أياً كانت ملابساته، يعكس تداعيات تأخر تطبيق العدالة الانتقالية، مؤكداً أن بقاء رموز النظام السابق في مناصبهم القضائية والإدارية، دون مساءلة أو محاسبة، يُقوض الثقة العامة في مؤسسة القضاء.
وأضاف عبد الغفور أن تجاهل ملف العزل السياسي والإداري، لا سيما في قطاع العدالة، أفرز حالة من التوتر الاجتماعي والشعور باللاعدالة، مما يدفع بالمواطنين إلى اللجوء لأساليب فردية في تحصيل حقوقهم، وقد يؤدي إلى انفلات قانوني يهدد السلم الأهلي.
إعادة هيكلة القضاء.. مطلب ملح
من جانبهم، أكد المحامي كامل اطلي مسؤول “رابطة المحامين بحلب” على ضرورة الإسراع بتطبيق العزل السياسي بحق كل من ثبت تورطه في دعم منظومة الاستبداد الأسدي، معتبرين أن إصلاح السلك القضائي لم يعد خياراً بل ضرورة وطنية لإنقاذ ما تبقى من احترام للقانون.
وقالوا إن ما حدث في القصر العدلي هو نتاج لتراكمات من الإخفاق في تأسيس منظومة قضائية جديدة تعبّر عن تطلعات السوريين في مرحلة ما بعد الثورة، وتحمي البلاد من ردود أفعال فردية لا تخدم بناء الدولة.
تحذيرات حقوقية
الناشط الحقوقي والإعلامي عمر محمد عمر وصف ما جرى بـ”التطور الخطير”، معتبراً أنه نتيجة مباشرة لتأخر تطبيق العدالة الانتقالية. وأشار إلى أن القاضي المعني، وغيره من المسؤولين القضائيين، لعبوا أدواراً حاسمة في إصدار أحكام جائرة ضد ناشطين وثوار خلال فترة النظام السابق، وساهموا في ترسيخ مناخ القمع.
وطالب عمر، في بيان، الدولة السورية وممثليها، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ووزراء الدفاع والعدل والداخلية، بالإسراع في محاسبة القضاة المتورطين في إصدار أحكام الإعدام ومصادرة الأملاك وتزوير الوثائق، مؤكداً أن هؤلاء كانوا “شركاء في قمع وقتل السوريين الذين نادوا بالحرية والكرامة منذ اندلاع الثورة في مارس 2011”.
تكشف هذه الحادثة عن عمق الأزمة داخل المؤسسات القضائية في سوريا، وتسلط الضوء على الحاجة الملحّة لتطبيق العدالة الانتقالية بما يضمن تطهير الجهاز القضائي من رموز الاستبداد، وإعادة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة في مرحلة ما بعد الثورة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية