«نبض الخليج»
في رحلة امتدت أكثر من 14 عامًا ، كانت ياسمين أحمد ، وهي أم لخمسة أطفال ، واحدة من أصعب تجارب الحياة بعد أن تسببت ثلاثة من أطفالها الذين يعانون من القلق بمتلازمة وراثية نادرة المعروفة باسم “كوفيني -سريس” ، في وقت متأخر جدًا من النمو والتنمية.
بدأت قصة هذه الأم القتالية منذ أن وضعت طفلها الأول (خاولا) في عام 2000 ، وكان لديها علامات غير طبيعية على أسابيعها الأولى وبدأت في التحرك بين المستشفيات ، حتى جاء في عام 2014 ليعرف أنها هي الحالة الأولى في العالم التي أصيب فيها ثلاثة أطفال من عائلة واحدة في هذه المتلازمة ، على الرغم من أن الآباء لا يحملون الطفرات الوراثية.
في عام 2016 ، تلقت العائلة صدمة كبيرة بوفاة الأب ، بحيث تستمر الأم وحدها في رعاية الرعاية وإعادة التأهيل ، واليوم بعد سنوات من النضال ، يشهد أطفالها تطوراً ملحوظاً بفضل العلاج الطبيعي والدعم المؤسسي ، بحيث تتحول قصتها إلى نموذج ملهم من الأمل والصبر والتحدي.
تروي ياسمين أحمد تجربتها على “الإمارات اليوم” ، قائلة: “منذ ولادة طفلي (خاولا) ، لاحظت أنها ليست مثل بقية الأطفال ، وكانت هادئة بشكل مزعج ، وقد تأخرت في الحركات الطبيعية للرضيع ، وهذا دفعني إلى طلب النصيحة الطبية في وقت مبكر وإجراء اختبارات عديدة وتصوير الدماغ على التشخيص.”
أشارت إلى أنها سافرت إلى الولايات المتحدة في عام 2011 ، وبقيت هناك لمدة أربعة أشهر لإجراء تحليلات وراثية ، لكنها لم تصل إلى نتيجة حاسمة ، مشيرة إلى أن الأعراض والعلامات كانت واضحة لطفليها (Zayed) و (حمد) في المراحل المبكرة من النمو.
وأضافت: “لم يكن التشخيص سهلاً ، لكن في عام 2014 كان يشكل نقطة تحول عندما تمكن الأطباء في الإمارات العربية المتحدة من تحديد الخلل الوراثي النادر ، وكانت المفاجأة أن أطفالي الثلاثة كانوا يعانون من المتلازمة نفسها ، على الرغم من أن أنا وأبيهم لم يحملوا أي طفرة وراثية من هذا النوع.”
وصفت لحظة التشخيص بأنه مؤلم ومريح في نفس الوقت ، قائلة: “أخيرًا ، لدي اسم لهذا الموقف ، ولكن لأعلم أن ثلاثة من أطفالي يعانون من مرض غير مسجلة ، كان أكثر من مجرد الوصف ، ولم يكن المرض هو التحدي الوحيد ، خاصة بعد فقدان الأب في عام 2016 ، والذي كان بمثابة صدمة نفسية كبيرة ، وخاصة الأطفال المصابين الذين كانوا في حاجة مبكرة من الاستقرار”.
فيما يتعلق بوضع وظروف أطفالها حاليًا ، أكدت أن الجسدية وإعادة التأهيل ساهمت بوضوح في تحسين مهارات أطفالها ، وشرحت: “لقد أصبح أطفالي أكثر تفاعلية مع محيطهم ، حيث يتحدثون ويتحركون ويستوعبون بشكل أفضل ، وبفضل الرعاية الطبية والدعم المؤسسي في الولاية”.
وأشادت بالدور العظيم الذي تلعبه جمعية الإمارات للأمراض النادرة في دعم الأسر: “كانت الأنشطة التي تنظمها الجمعية أول منفذ لأطفالي ، ومنصة لتبادلنا كأمهات لتجاربنا والتعلم من بعضنا البعض.”
أرسلت ياسمين رسالة إلى المجتمع أكدت فيها أهمية الفحص الجيني قبل الزواج ، قائلة: “إن الصحة الوراثية للعائلة ليست أقل أهمية من أي جانب آخر ، وأدعو كل شاب وفتاة لإجراء هذا الفحص ، لبناء أسر صحية ونفسية.”
وتابعت: “علمني أطفالي ما الذي لم تعلمني الحياة ، لقد تحملت مسؤولية تربيتها بمفردها بعد أن فقدت والدهم ، لكنهم كانوا القوة التي دفعتني إلى الاستمرار ، مع كل تحد ، كانوا يعطونني درسًا جديدًا في الصبر والحب”.
من جانبها ، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للأمراض النادرة ، Nafisa Tawfiq ، إن الجمعية استمرت منذ إنشائها مع جهد مستمر لخدمة المرضى الذين يعانون من أمراض نادرة ، وتقديم دعم شامل لهم ولأسرهم ، سواء من نقطة نفسية أو مجتمعية أو واعية في عرضها بالإضافة إلى تملأ لهم خدمات الرعاية الصحية اللازمة.
وأضافت: “نحن لا نخدم المرضى فحسب ، بل نسير معهم وعائلاتهم خطوة بخطوة في رحلة التحدي ، لأننا نعتقد أن الدعم الأخلاقي والإنساني ليس أقل أهمية من العلاج الطبي”.
وأوضحت أن الجمعية تضم حاليًا 112 عضوًا ، والتي تشكل “الأبطال النادرون” وعائلاتهم حوالي 50 ٪ منهم ، مما يجعل الجمعية صوتًا حقيقيًا للمجتمع النادر في الولاية ، ومصدر مهم لنقل معاناتهم واحتياجاتهم إلى السلطات المعنية.
وأكدت أن الأمراض النادرة هي من بين أكبر التحديات الصحية في العالم ، حيث تشير الإحصاءات إلى أن هناك أكثر من 10000 مرض نادر معروف على مستوى العالم حتى يومنا هذا.
وأضافت: “نحن متفائلون ، على استعداد الله ، أن السنوات العشر القادمة ستشهد انخفاضًا في معدلات الأمراض النادرة في البلاد ، وذلك بفضل تطبيق الفحص الوراثي قبل الزواج ، الذي يشكل خطوة استراتيجية في الوقاية والاكتشاف المبكر ، ويمثل تحولًا مهمًا نحو بناء مجتمع صحي ومستقبل أمانًا على الأجيال القادمة.”
الأم ياسمين أحمد:
• أصبح أطفالي أكثر تفاعلية ، وتحدثوا ، ويتحركوا ، ويستوعبون بشكل أفضل ، وذلك بفضل الرعاية الطبية والدعم المؤسسي في البلاد.
• أدعو كل شاب وفتاة لإجراء فحص وراثي قبل الزواج ، من أجل بناء أسر مستقرة صحية ونفسية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية