جدول المحتويات
«نبض الخليج»
لاقى إشهار الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية، مساء الخميس، تفاعلاً جماهيرياً واسعاً من السوريين، وسط احتفاءٍ لافت شهدته مواقع التواصل الاجتماعي بالحدثِ الذي تصدّر جل اهتمام ومتابعة السوريين، خلال الساعات القليلة الماضية، تزامناً مع احتفالات شعبية غطّت الساحات العامة بمعظم المحافظات السورية وامتدت حتى ساعات متأخرة من ليلة الجمعة.
وانتشر وسم شعار الدولة السورية الجديد على الآلاف من حسابات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، في وقتٍ لم يخفوا فيه أحاسيسهم ومشاعرهم تفاعلاً مع لحظات وصفوها بـ”التاريخية”، وخطوةٍ حاسمة على درب ميلاد بلد جديد بعد انعتاقٍ من حقبة استبدادية طالت أكثر من 60 عاماً، و”إعلان موت ثقافي للنظام المخلوع”، وفق تعبير وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
وتفاعل السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي مع الحدث، وتُجمع معظم تعليقاتهم حول الهوية الجديدة على ما اعتبروه “إعادة روح الانتماء إلى سوريا”، بعد أن سلب نظام الأسد السوريين وطنهم على مدار عقود.
قطيعة مع الاستبداد
وفتح السوريون، بحسب ما عبّروا، صفحة جديدة بميلاد الهوية البصرية للدولة، تخلّصت من كل رموز النظام المخلوع، شعاراً وسلوكاً، وطوت صفحات من الخوف، تأكيداً لما ذكره وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى، ولعلّ ما كان آخر ما يذكّرهم بها هي الهوية السابقة التي اعتُمدت لأشهر قليلة مؤقتاً بعد سقوطه، حتى أبصرت الهوية الجديدة النور، أمس الخميس، الموافق في الرابع من تموز من العام 2025.
الصحفي عبادة كوجان، أبدى تعليقاً على مشاركته في حفل الإشهار في قصر الشعب، سعادةً وفخراً بالهوية الجديدة لسوريا الجديدة بعد “التحرير”، واعتبرها “هوية بمثابة قطيعة تاريخية وبصرية مع عقود خمس من نظام الأسد الذي عبث بكل شيء بما فيه شعار دولة الاستقلال الأولى”.
من جانبه، قال الصحفي محمد الأسمر عبر حسابه في “فيس بوك”: “جميل أن يكون لك انتماء لوطن ستعتز كونك أحد أبنائه”. ويردف: “الموضوع أكبر من قضية صورة وعقاب وتصميم، هو ارتباط بأرض وثقافة وتاريخ.. وفتح صفحة جديدة من صفحات سوريا بعيداً عن تقديس الأشخاص والمناصب والرتب”.
هوية عصرية
زاد على الاحتفاء الواسع بالهوية البصرية الجديدة، دعوة السوريين بعضهم للاحتفال بهذا “الحدث التاريخي” كما وصفوه مراراً على مواقع التواصل، وأضاف على ذلك الباحث محمد السكري عبر تغريدة في موقع (X): “طبلوا لسوريا، واحتفلوا بها.. وأحبوها وحدها.. هذا حبٌ حرمنا منه عقود. عيشوه بكل تفاصيله.. سوريا وحدها تستحق هذا.. لا تبدلوا في لحظة النشوة ولا تنساقوا لما أحبه عدونا في نفسه وكرهه بنا، وحاربنا عليه، فتنسوا ما قمنا له ولأجله.. هذه ثقافة نصنعها اليوم ونجني حصادها غدًا، وهذا الوطن نصنعه مرة فلا تغتالوه”.
وذهب معلقون إلى تناول “عصرية” الشعار الجديد للدولة، وهو ما لفت إليه الصحفي والإعلامي محمد الحاج، قائلاً: “أعجبني الشعار الجديد، بعيداً عن شعور الانتماء وإذا يمثل سوريا وقطيعة مع الأسدية، لكنه بالعامية، ثقيل وواضح ومباشر وعصري من الممكن أن تراه بعد سنوات طويلة ويبقى مميزاً، وهو ما أعتبره “على عكس الشعارات القديمة التي غالباً ما تحمل دلالات كثيرة وعجقة بصرية وألوان عديدة وكتابات”.
وقدّم الحاج شرحاً مستوفياً عن دلالات الشعار الجديد ورموزه، وخلفياته التاريخية، وكذلك ملاحظات حول حفل الإشهار وكلمات الوزراء، وهو ما يعكس اهتماماً بالغاً بالحدث من قبل السوريين، سواء في الداخل السوري أو في بلاد اللجوء والمغترب.
احتفالات شعبية حاشدة
وأعلنت سوريا عن هويتها البصرية الجديدة، من قصر الشعب بدمشق، مساء الخميس، بمشاركة الرئيس أحمد الشرع ووزراء ومسؤولين في الدولة السورية، وفعاليات اجتماعية ودينية، كما شهدت الساحات العامة في البلد إشهاراً للهوية بمشاركة مباشرة مع السوريين.
وشهدت ساحة الجندي المجهول على سفح جبل قاسيون بدمشق, حفلاً رسمياً لإشهار الهوية، ضمن فعالية كبرى احتشد لإحيائها عشرات الآلاف من المواطنين.
ومع توافد المشاركين إلى مكان الفعالية، في الساعات الأولى، انتشرت قوى الأمن الداخلي وفرق الإسعاف والإطفاء في محيط ساحة الجندي المجهول لتأمين سلامة الأهالي في أثناء الاحتفال.
وبالتزامن مع الاحتفال الرسمي في العاصمة، أحيا السوريون في الساحات الرئيسة لمدنهم وبلداتهم بمختلف المحافظات السورية، فعالية إشهار الهوية البصرية. حيث احتشد أهالي حلب في ساحة سعد الله الجابري في قلب المدينة للاحتفال بالحدث، بينما شكّلت ساحة الشيخ ضاهر مكان احتفال أهالي اللاذقية، وساحة السبع بحرات في إدلب، وساحة العاصي في حماة.
الشرع: سوريا لا تقبل التجزئة أو التقسيم
وأكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن الهوية البصرية الجديدة ترمز إلى القوة والتصميم، وتعبر عن “سوريا واحدة موحَّدة لا تقبل تجزئة أو تقسيماً”.
ووصف الرئيس الشرع احتفال اليوم بأنه “عنوان لهوية سوريا وأبنائها بمرحلتها التاريخية الجديدة، هوية تستمد سماتها من هذا الطائر الجارح، تستمد منه القوة والعزم والسرعة والإتقان والابتكار في الأداء”.
وأضاف أن “الهوية التي نطلقها اليوم تعبر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، سوريا الواحدة الموحدة، وإن التنوع الثقافي والعرقي عامل إغناء وإثراء لا فرقة أو تنازع، وتعبر عن بناء الإنسان السوري وترمم الهوية السورية التي ألفت الهجرة بحثاً عن الأمن والمستقبل الواعد، فنعيد إليها ثقتها وكرامتها وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج”.
الشيباني: عودة سوريا إلى الساحات الدولية حقيقة قائمة
وأكد وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد الشيباني، أن عودة سوريا إلى الساحات الدولية تحوّلت من أمنية مؤجلة إلى حقيقة قائمة، مؤكداً أن الدبلوماسية السورية لم تقبل بالواقع المتهالك الذي ورثته عن النظام المخلوع.
وقال الشيباني إن “عودة سوريا إلى المحافل الدولية، أعادت العديد من الدول فتح سفاراتها في دمشق، واستُؤنفت العلاقات الثنائية على أساس من الاحترام والتعاون. وقد تُوّج هذا المسار الدبلوماسي برفع علم الجمهورية العربية السورية في مقر الأمم المتحدة، علم الشعب والدولة، علم الكرامة التي لا تُهزم، ليكون عنواناً لسوريا الجديدة”.
وأكد أن هوية الدولة السورية الجديدة بما تنطوي عليه من عمق فكري وجمال بصري، ليست زينة عابرة تُعلّق على واجهة الدولة، بل منظومة تعبيرية متكاملة تعكس وعي سوريا بذاتها، ورؤيتها لمكانها في العالم، معتبراً أن حدث إشهار الهوية “إعلان عن شعب ينهض من جديد، ويقول بثقة: نحن نرسم ملامحنا بأنفسنا، لا بمرايا الآخرين، بل بتاريخنا، وإرثنا الحضاري، ورؤيتنا المستقبلية”.
وزير الإعلام: سردية جديدة خالية من الرموز
من جانبه، وصف وزير الإعلام السوري الهوية البصرية الجديدة بأنها “ثمرة مخاض عسير للشعب السوري، تجسد تصور الدولة عن نفسها بوصفها دولة المواطنة والرعاية لا الامتياز”.
وقال المصطفى في كلمته خلال إشهار الهوية الجديدة في قصر الشعب: “في هذه اللحظة التاريخية نقف اليوم جميعاً على عتبة سردية جديدة في سوريا الجديدة، سردية لم تبن على الرموز وإبهار التصميم بل على إعادة رسم العلاقة بين المجتمع والدولة”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية