«نبض الخليج»
الجرح النازف في (قطاع غزة) مازال دمه مستمرًا بالنزف، وما انفك العالم أجمع في حالة مريبة من الفرجة غير المعقولة، وغير المفهومة، على كل ما يجري ضد المدنيين العزل في أرض غزة وأرض فلسطين عمومًا. لكن وبعد مضي ما يقرب من السنتين إلا قليل، وبعد أن توقفت الحرب بين إسرائيل وإيران، ألا يجب أن يكون هناك ضغوط جدية، لوقف (بنيامين نتنياهو) عن ممارسة حربه المُدمِّرة كحرب للإبادة ضد شعب غزة.. أليس من اللامعقولية السياسية أن يُترك أهل (قطاع غزة) يعانون من كل هذا الدمار والقتل المتواصل الذي لا يتوقف ولا يستريح أبدًا؟
هل من حل قادم لإنهاء ذلك الدمار والقتل.؟ أسئلة كثيرة مازالت شاخصة أمام أعيننا جميعًا في محاولة لفهم ما يجري من انفلات في مصفوفة القيم العالمية وهدر لا ينضب ولا يتوقف لحقوق الإنسان، كما هو الهدر المستمر لإنسانية الإنسان الفلسطيني، وعبث ديماغوجي في السياسة، إذ يدرك الجميع فداحة حالة العجز وقلة الحيلة التي يعيشها واقع النظام العربي الرسمي المكبل بكثير من المعوقات، التي تحول بالضرورة دون وجود أي تدخل جدي لإيقاف هذه الإبادة بحق شعب عربي ومسلم هو شعب غزة الفلسطيني. وكذلك الحال مع دول منظمة دول التعاون الإسلامي، التي تعيش حالات سياسية متنافرة، أشبه ما تكون بحالات وواقع النظام الرسمي العربي، وهي منشغلة بإشكالاتها الداخلية، ومندمجة بالضرورة ضمن أتون حالاتها الوطنية المحلية النفعية والمصلحية، من دون الالتفات إلى أوضاع الشعب الفلسطيني في غزة الذي ما برحت تعاني كل هذه المعاناة.
ومع ذلك فإن التحركات التي تجري عربيًا ودوليًا مازالت ضعيفة ومتهالكة وغير قادرة على وقف نزيف الدم، الذي فاق كل حد، وأوصل المخيال العربي الشعبي إلى حالة من الفوات والعجز باتت مقيمة وقاتلة.
لن ندخل في ماهية القضية المركزية للعرب والمسلمين/ قضية فلسطين، التي (وكما يبدو) لم تعد قضية الجميع من العرب والمسلمين المركزية والمهمة، في حين الارتدادات أصبحت تقول وتشير إلى ضرورات الاهتمام بالوطنية لهذه البلدان أولًا، ومن ثم بعدها يتم التفكير بسواها حسبما يجري القول، وقد يكون ذلك في بعض جزئياته وحيثياته محقًا بالتوازي مع ما فعله غير نظام عربي، من خلال المتاجرة بقضية فلسطين على حساب الديمقراطية والوطنية والحريات، وبدعوى تحرير فلسطين، في حين كانت هذه الأنظمة في نفس الوقت موغلة بدماء شعوبها ومهتمة ببقائها في السلطة فقط، وممارسة أدوارها الوظيفية على حساب حرية شعبها وضمن سياقات القمع وكم الأفواه، حتى باتت كما هو حال النظام السوري الأسدي المجرم الذي نهب الوطن السوري، حيث فسد وأفسد ، وأوصل الوطن السوري إلى حالة ونموذج الدولة الفاشلة، وهو الذي ألقى المواطنين السوريين في غياهب السجون والمعتقلات، فزج كل من يختلف معه بالرأي في المعتقلات، حتى باتت السجون لديه تسمى بأسماء قومية عربية مثل (فرع فلسطين) وسواه من أقبية للاعتقال السياسي، لم يعرف التاريخ الحديث لها أي مثيل.
ويبقى السؤال الأهم متى ستقف حرب غزة؟ وهو سؤال جدي وحقيقي وحاسم، لن نكل مع شعوب العرب والمسلمين عن متابعته ومطالبة العالم بإيجاد حل أو إجابة واضحة له، وهو ينبع من جملة أبعاد كثيرة، إنسانية أولًا ووطنية ثانيًا وأخلاقية ثالثًا، وعربية أيضًا، وإسلامية كذلك، ومعولمة على مستوى حقوق الإنسان، التي هي حق مهم من حقوق كل البشر بلا استثناء ومن دون أي تردد.
القضية الفلسطينية كانت ومازالت قضية العرب جميعًا، لكنها أبدًا لا يمكن أن تكون وسيلة لتغطية القتل والإجرام، ومن ثم الزج بهم في السجون، فمن يقف مع فلسطين وشعب فلسطين، لابد أن يكون مع حرية شعبه أولًا، ومع إذكاء روح التحرر بين ظهراني ناسه ومواطنيه، ولا يجوز أبدًا أن يتغطى بعضهم بشعارات فلسطين وتحرير فلسطين، في حين يمارس أبشع أنواع العنف والقتل والاعتقال ضد شعبه، وإذا كانت دمشق يومًا ما قلب العروبة النابض وقلب فلسطين الحي، لكنها مطلقًا لن تكون ولا يجب أن تكون بلدًا للقمع والنهب والفساد والسجون وأقبية الظلم والظلام، التي تجاوز عديدها في سوريا أيام حكم آل الأسد ، عدد أنواع وتشكيلات الحريات، أو عدد القيم والأهداف التي طالما أطنب آذاننا بها نظام العسف الأسدي.
قطاع غزة اليوم ومن ثم قضية فلسطين مازالت حقيقة وواقعًا في قلب الجميع، جميع الشعوب العربية والمسلمة، وسوف تبقى كذلك، من هنا كان لابد من العمل الحقيقي والجدي الواعي والمنطلق من جوانية الشعوب واندماجها بالقضية الفلسطينية واقعا وحقيقة ومعطىً، من أجل العمل المباشر الذي لا يتوقف على طريق إيقاف المقتلة المتواصلة بحق أهل (قطاع غزة) وشعب فلسطين، ولكن لا يجب أبدًا أن تكون في هذه الساحات العربية المنشرة والممتدة، على حساب الأوطان والأقاليم، ولا هي على حساب فكرة انتشار وإشاعة الحريات وسيادة القانون ، ودولة المواطنة المنشودة من شعوبنا، ولا يمكن أن تكون قضية فلسطين بأي حال ومن الأحوال وتحت أي ظرف، غطاء لدى السلطات العربية التي تحتمي وتتفيأ بها لممارسة القمع والنهب والفساد وإقامة الدولة الأمنية التي تتمسح بقضية فلسطين وتعيش على شعارات القومية العربية والوحدة العربية وما بينهما وما تمظهر على ناصية هذه الشعارات من اشتغالات في الشعوب وضدها وعلى حسابها.
ويبقى السؤال الأهم متى ستقف حرب غزة؟ وهو سؤال جدي وحقيقي وحاسم، لن نكل مع شعوب العرب والمسلمين عن متابعته ومطالبة العالم بإيجاد حل أو إجابة واضحة له، وهو ينبع من جملة أبعاد كثيرة، إنسانية أولًا ووطنية ثانيًا وأخلاقية ثالثًا، وعربية أيضًا، وإسلامية كذلك، ومعولمة على مستوى حقوق الإنسان، التي هي حق مهم من حقوق كل البشر بلا استثناء ومن دون أي تردد.
وإذا كنا ندرك تمام الإدراك، ونعي تمام الوعي، ماهية الواقع العربي الرسمي والشعبي، وفوات المسألة الفلسطينية العربية الممكنة، لإيجاد أي حل، فإن الإصرار على ذلك اليوم يبين أن لا حل ممكن وحقيقي إلا بتضافر الجهود، وتكاتف العرب والمسلمين، من أجل قضاياهم المصيرية، ومنها بالضرورة قضية غزة وفلسطين. وهي حقيقة واضحة لا تقبل التسويف والمماطلة أبدًا.
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية