جدول المحتويات
«نبض الخليج»
تشهد محافظة السويداء، منذ صباح الخميس، موجة نزوح كبيرة وتهجير قسري لعشائر البدو، إثر هجمات انتقامية تنفذها فصائل مسلحة أحرقت منازل المدنيين وسط أنباء عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، وذلك عقب انسحاب قوات الجيش والأمن من المحافظة بموجب اتفاق أُبرم بين الحكومة السورية والفعاليات الدينية والاجتماعية في المنطقة.
وأدت الاشتباكات المتصاعدة إلى نزوح جماعي لعائلات البدو باتجاه محافظة درعا، وسط أوضاع إنسانية بالغة السوء ونقص حاد في الخدمات الأساسية، وعلى الرغم من الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار، لا تزال الأوضاع الأمنية متوترة وفي تصاعد مستمر، وسط تواتر شهادات مروعة للمدنيين عن انتهاكات جسيمة ارتُكبت خلال المواجهات.
ذبح وحرق وخطف.. سيدات يروين شهادات مروعة في السويداء
انهارت سيدة باكية خلال حديثها لـ”تلفزيون سوريا”، متحدثةً عن الفاجعة التي ألمّت بها بعد فقدان ابنها، “الطالب الجامعي الذي قُتل بدم بارد، رغم عدم انخراطه في أي صراع مسلح”، وفق ما أكدت.
وقالت إن الفصائل المسلحة اقتحمت المنازل، أحرقتها، وقتلت الشباب، قبل أن تطرد النساء والأطفال خارج المحافظة.
من جهتها، تحدثت سيدة أخرى من حي المقوس في مدينة السويداء عن تفاصيل ما جرى بعد انسحاب قوات الجيش والأمن، مشيرة إلى أن المسلحين اقتحموا الحي وقتلوا عدداً من أقاربها قبل أن تتمكن مع عدة نساء من الهرب إلى درعا.
وسردت سيدة ثالثة شهادتها حول مشاهد مروّعة، قائلة إنها شاهدت بعينيها عمليات ذبح طالت شباناً من الحي، وأضافت: “حلّلوهم مثل الشياه”، مؤكدة أن عدداً من النساء اختُطفن، وأن بيوت المدنيين أُحرقت رغم عدم تورط السكان في أي جهة.
وفي شهادة صادمة، تحدّث رجل نازح من الحي ذاته، ويقيم حالياً في أحد مراكز الإيواء بدرعا، عن حصار استمر ستة أيام قبل أن تتمكن قوات الجيش من فك الطوق وإخراج من تبقى. وقال: “ما جرى كان تطهيراً عرقياً، رأيت جثث أطفال ونساء ملقاة في الشوارع، كانت مشاهد مروعة دفعتنا لفقدان اتزاننا والدخول في صدمة، رأيت امرأة تُجرّد من ثيابها وتُقتل بالسواطير مع طفلها”.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لمقاتلين من الفصائل المسلحة في السويداء، تضمّنت عبارات طائفية وتهديدات صريحة بذبح البدو، ويعتذر موقع “تلفزيون سوريا” عن عرضها نظراً لمحتواها العنيف.
بداية الاشتباكات واتساع رقعتها
تفجرت الأحداث إثر حادثة سلب على طريق دمشق – السويداء استهدفت سيارة تاجر، قبل أيام، أعقبتها عمليات خطف متبادل بين فصائل محلية من أبناء الطائفة الدرزية وعشائر البدو، قبل أن تتطور المواجهات إلى اشتباكات مسلحة استُخدمت فيها الأسلحة المتوسطة، ما أسفر عن أضرار في منازل مدنيين بعدة أحياء.
وعلى إثر ذلك تدخلت قوات الجيش والأمن الداخلي لاحتواء الاشتباكات، لكنها أعلنت تعرضها لهجمات من مجموعات وصفتها بـ”الخارجة عن القانون”، ما فجر موجة عنف واسعة. وأعقب ذلك إعلان حكومي عن اتفاق يقضي بانسحاب القوات النظامية من المحافظة وتكليف فصائل محلية بتولي مهام حفظ الأمن، مع التأكيد على دمج السويداء ضمن الدولة السورية والحفاظ على سيادتها، غير أن الاتفاق لم يُنفّذ على الأرض، بل مهد الطريق لاندلاع سلسلة من الهجمات الانتقامية استهدفت عشائر البدو.
تحشيد عشائري ونداءات استغاثة
وأطلقت عائلات من البدو، اليوم الخميس، نداءات استغاثة للعشائر السورية والحكومة للتدخل العاجل وإنقاذ المدنيين، في ظل تقارير تفيد بمحاصرة عشرات العائلات، وسط مطالبات بفتح ممرات آمنة لإجلائهم.
وقالت مصادر مطلعة لموقع “تلفزيون سوريا” أن قوات عشائرية وأهلية من عدة محافظات بدأت بالتحشّد على الحدود الإدارية للسويداء بهدف نجدة المحاصرين من عشائر البدو، غير أن قوات الجيش والأمن الداخلي منعتهم من التقدم.
مشاهد من بلدة الدور غربي #السويداء تُظهر أعمدة دخان كثيفة من جراء الاشتباكات بين العشائر والفصائل المحلية
تصوير: عماد البصيري#تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا pic.twitter.com/0BVfdXFbXJ— تلفزيون سوريا (@syr_television) July 17, 2025
وأفادت المصادر بوقوع اشتباكات متقطعة في عدة محاور بريف السويداء بين مقاتلي العشائر وفصائل مسلحة تحاصر عائلات البدو، قبل أن تتدخل قوات الأمن لوقفها.
وأكدت المصادر أن الحكومة السورية ترفض دخول أي قوى غير نظامية خشية انزلاق المنطقة إلى مزيد من التصعيد ودوامة من أعمال القتل الانتقامية، وتعمل على الضغط لتفعيل الاتفاق ووقف الانتهاكات.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الفصائل تحظى بدعم من حكمت الهجري، أحد شيوخ العقل في الطائفة الدرزية. في المقابل، أظهرت مقاطع مصورة عدداً من شيوخ وأهالي السويداء وهم يستضيفون بعض عائلات البدو في منازلهم ومضافاتهم، في محاولة لحمايتهم من الاعتداءات الانتقامية.
سقوط ضحايا وتعذر التوثيق
أفادت مصادر محلية لموقع “تلفزيون سوريا” بمقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين في منطقتي الثعلة وشهبا والقرى المحيطة بهما، مشيرة إلى صعوبة توثيق الأعداد الدقيقة بسبب سيطرة الفصائل المسلحة على المنطقة.
وأقر الهجري في كلمة مصورة، اليوم الخميس، بوقوع اعتداءات ضد المدنيين من عشائر البدو، معتبراً أن من يرتكب أعمال التخريب “لا يمثل إلا نفسه”.
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن مجموعات خارجة عن القانون نفذت هجمات على النساء والأطفال في حي المقوس، وارتكبت عمليات تصفية ميدانية وانتهاكات بحق أبناء العشائر، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين.
أوضاع إنسانية متدهورة ونزوح مستمر
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد توثق أوضاعاً إنسانية مأساوية لنساء وأطفال من عشائر البدو محاصرين في البادية، تحت أشعة الشمس الحارقة، وفي غياب كامل لأي مساعدات.
بعد هروبهم من الفصائل المحلية في #السويداء..
مشاهد تظهر معاناة عوائل عشائر البدو المهجرين قرب بصر الحرير في ريف #درعا#تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا pic.twitter.com/y4zArhEBp4— تلفزيون سوريا (@syr_television) July 17, 2025
وتحدث عدد من المهجّرين والنازحين لـ “تلفزيون سوريا” عن تعرضهم للإهانات من قبل الفصائل المسلحة، إضافة إلى سرقة سياراتهم وممتلكاتهم واحتجازهم لساعات قبل الإفراج عنهم.
وقالت فتاة مهجّرة إن منزل عائلتها في بلدة المزرعة، إلى جانب منازل أخرى، أُحرق بالكامل، كما جرى إحراق المسجد في البلدة، مؤكدة سقوط عدد كبير من الضحايا.
وأفاد رجل من قرية الثعلة بأن جميع السكان من البدو والعشائر إما قُتلوا أو هُجّروا، مضيفاً: “لم يبقَ أي شخص من العشائر أو البدو في السويداء حالياً”.
بدوره، أعلن الدفاع المدني إجلاء أكثر من خمسين عائلة من مدينة السويداء، وقرى عرى ورساس والشقراوية وكناكر، إلى مناطق أخرى حددتها العائلات، ولا تزال حركة النزوح مستمرة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية