جدول المحتويات
«نبض الخليج»
في زمن تتهاوى فيه التوازنات التقليدية بالشرق الأوسط، وتعيد القوى الإقليمية رسم خرائط النفوذ، تسلّط صحيفة “نيويورك تايمز” الضوء على لحظة تحوّل نادرة في سوريا، حيث يحمل انهيار الوجود الإيراني وصعود قيادة جديدة برئاسة أحمد الشرع، مؤشرات على نهاية عهد الهيمنة الطائفية، وفتح الباب أمام مرحلة سياسية وجيوسياسية جديدة.
من خلال هذا المقال، ترسم الصحيفة الأميركية ملامح مشهد إقليمي متغيّر، حيث تختبر سوريا –البلد الذي أنهكته الحرب– إمكانية تجاوز الانقسام الطائفي، لتتحوّل إلى ساحة اختبار لمعادلة عربية جديدة تتجنب الصراع المذهبي، وتركز على الاستقرار والتنمية، وسط تحديات إقليمية ودولية متشابكة.
يعرض موقع تلفزيون سوريا هذا المقال في إطار التغطية الإعلامية للملفات المتعلّقة بسوريا، مع الإشارة إلى أن ما ورد فيه يعكس رؤية الصحيفة ومصادرها، ويُقدّم كمادة تحليلية تساعد على فهم طريقة تناول الإعلام الدولي للملف السوري، من دون أن يُعد توثيقاً شاملاً لكامل المشهد أو تبنياً لاستنتاجاته.
وفيما يلي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لهذه المادة:
خلال الأشهر القليلة الماضية انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، على صهوة جواد أصيل أسود داخل حلبة رملية للفروسية، تحيط بها أشجار نخيل وارفة الظلال، وقد ظهر بمفرده وهو يرتدي سترة جلدية أنيقة، في حين بدا الجواد يركض حول الحلبة ويقفز قفزات عالية.
وفي الخلفية نسمع أغنية تمجّد الخلافة الأموية التي حكمت الشرق الأوسط في القرنين السابع والثامن الميلاديين، حيث يفتتح الفيديو بالكلمات: “بنو أمية أصلهم ذهب، من اسمهم كسرى ارتعب”، أما مطلع الأغنية الذي يقول: “مسلم عربي آني.. مو ذيل الإيراني” فقد حُذف منه، بيد أن الرسالة التي ينقلها تقول: “لم تعد سوريا تحت النفوذ الإيراني الشيعي، لأنها عادت إلى يد الغالبية السنية في البلد”.
يعتبر معظم العرب حكم بني أمية الفترة الذهبية في التاريخ الإسلامي، إذ بدأ الحكم الأموي في دمشق، عام 661 ميلادية، فأسسوا بذلك أول مملكة إسلامية هزمت الفرس وتوسّعت لتصل إلى وسط آسيا وشمالي أفريقيا، وبقيت تحكم كل تلك المناطق لمدة تجاوزت السبعين عاماً.. ويرى بعض الناس الآن في تحرّر سوريا من الهيمنة الإيرانية أصداء تذكرهم بتلك الحقبة الأموية البعيدة.
يمثل انهيار الهيمنة الإيرانية في المنطقة، بالأخص بعد طردها من سوريا التي كانت من أهم حلفائها العرب، نقطة تحول لم نشهد لها مثيلاً في الشرق الأوسط منذ أكثر من عقدين.
لذا، فإن أحد جوانب عملية إعادة التوازن الجيوسياسي قد تتجلى بالرجوع عن الطائفية الصريحة التي ابتليت بها المنطقة منذ الغزو الأميركي للعراق وما ترتب عنه من تولي الشيعة لمقاليد الأمور في بغداد.
وبسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، خلال شهر كانون الأوّل الماضي، انهار ما وصفه ملك الأردن، عبد الله الثاني بـ”الهلال الشيعي”، وهو عبارة عن شبكة من الحلفاء المسلحين تمتد من إيران مروراً بالعراق وسوريا وتصل إلى مناطق “حزب الله” في لبنان.
ونظام الأسد في سوريا الذي كان يمثّل دولة كاملة الأركان لا ميليشيا، كان حجر الأساس بالنسبة للإيرانيين ومركزاً لدعم بقية القوات التابعة لإيران، ضمن ما كان يعرف بـ”محور المقاومة” ضد إسرائيل والغرب.
وبالطبع، فإنّ الدين حتى اللحظة كان سبب كل ما جرى في الشرق الأوسط، إذ على مدار سنين طويلة، استعانت قوى إقليمية مثل إيران والسعودية بالفقه كستار تخفي خلفه مخاوفها الحقيقية، ومن خلال الاصطفافات الجديدة التي نراها اليوم، أصبحت القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية في خطر، وتعمّق ذلك الخطر من خلال التغيير الذي كانت إسرائيل الدافع المحرّك له.
بيد أن إيران حتى تستعرض نفوذها، أسهمت في دعم أجندة طائفية لسنوات طويلة، وهذا ما قابلته دول الخليج العربي بأجندة مضادة في معظم الأحيان، غير أنه لا أحد يرجح اليوم لإيران أن تبقى قادرة على القيام بذلك مجدداً في المستقبل القريب.
لذا فإن السؤال المطروح هنا هو: ما الذي سيحدث في حال عدم استغلال الاختلافات بين السنة والشيعة من جديد لإذكاء نار التنافس بين هاتين القوتين على المستوى الجيوسياسي؟ لقد أضحت سوريا اليوم ساحة اختبار رئيسية لنظام مختلف، بعد أن قررت دول ذات غالبية سنية تتزعمها كل من السعودية وتركيا أن تدفن اختلافاتها الطائفية، بعد أن صارت تعتبرها بمنزلة خطر يهدد استقرارها السياسي وتنميتها الاقتصادية.
ولعل سوريا تمثل أفضل ساحة اختبار لتلك الحالة بفضل التحديات التي تكتنفها، إذ قبل عقد من الزمان، وتحديداً عندما أنقذت القوات الإيرانية النظام ذا الأقلية الشيعية في دمشق، من المعارضة ذات الغالبية السنية، فإنها بذلك نقلت التوتر الطائفي لمستويات جديدة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، بيد أن حالات التوتر تلك لم تختف في سوريا تماماً، أضف إلى ذلك أن أصول الحكومة الجديدة في دمشق تعود لفصائل جهادية سنية، وهذه الفصائل تعادي وبشكل صريح كل ما هو شيعي، غير أن قيادتها ترى في أي اندلاع للقتال على أسس طائفية تدميراً لكل المحاولات الساعية لإقامة دولة مستقرة موحدة.
يعلّق على ذلك مصطفى فحص، وهو محلل سياسي تربطه صلات قوية بشيعة لبنان، فيقول: “عندما تعيد دمشق للسنة، فإنك تغير كامل الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، وذلك هو التاريخ”.
حقبة طائفية جديدة
على مدار قرون، سعى حكام إيران لاستقطاب الشيعة من خارج حدودهم حتى يصبحوا بمنزلة كتلة طبيعية تابعة لهم، فضغطوا عليهم حتى يعاملوا إيران معاملة الراعي السياسي والروحي والثقافي لهم، ثم جاءت الثورة الإيرانية، عام 1979، لتبدأ معها حقبة جديدة معاصرة من التنافس بين الشيعة والسنة.
أثار النظام الديني الذي وصل إلى الحكم في إيران حفيظة العالم العربي، بعد أن سعى آية الله روح الله الخميني، المرشد الأعلى لإيران، لتصدير الوسم الإيراني للحركة الإسلامية الثورية، التي أصبح المرشد الأعلى قائدها الروحي والسياسي، وذلك إلى مختلف الدول الإسلامية، بيد أن تلك المساعي لم تنجح، على الرغم من تمكن إيران من استغلال أيديولوجيتها لكسب الحلفاء وتدمير الأعداء.
في لبنان، استعان حسن نصر الله بالنموذج الإيراني في إدارة “حزب الله” لمدة تجاوزت الثلاثين عاماً، حتى مقتله بغارة إسرائيلية، شهر أيلول الماضي، بيد أن إعادة تأسيس دولة إيرانية في لبنان لم تكن مسألة ممكنة على الإطلاق، فقد اعترف نصر الله في مقابلة أجريت معه، عام 2002، بأن بلده متعدد الثقافات ولهذا من الصعب فرض التأويلات التقليدية للإسلام الشيعي على لبنان، ومنها فرض الحجاب على سائر النساء أو تحريم المشروبات الكحولية.
خشيت الدول العربية من سعي إيران لتقويض استقرارها، خاصة بعد أن قدم الربيع العربي فرصة لها حتى تشد أزر أذرعها في المنطقة وتدعمها، وعلى رأسهم الحوثيين في اليمن، وعدد من الميليشيات العراقية.
ولذلك، بقيت السعودية على وجه الخصوص على عدائها الصريح لإيران، وما كان يقلقها وقتئذ تجاوز فكرة سعي طهران للقضاء على جيرانها، بل إنه وصل إلى فكرة انتماء إيران لطائفة مختلفة من الإسلام، غير أن المسلمين المتعصبين من الفئتين هم الذين ركزوا على الاختلافات الطائفية.
وهكذا، أضحت الخطب اللاذعة المناهضة للشيعة والتي صنفت أبناء وبنات تلك الطائفة في منزلة دون البشر مادة أساسية تقدمها القنوات الفضائية السعودية التي تستضيف رجال دين سنة متشددين وذلك خلال تسعينيات القرن الماضي والعشرية الأولى من الألفية الثالثة.
ومن خلال دعايتها الرسمية، استعانت المملكة السعودية بلفظة “صفويين” لوصف الحكومة الإيرانية، في إشارة للإمبراطورية الشيعية التوسعية التي حكمت إيران باسم الدين خلال القرن السادس عشر الميلادي.
وفي عام 2016، نفذت الحكومة السعودية حد قطع الرأس بحق رجل دين شيعي بارز وعدد من الناشطين، بعد أن اتهمتهم بالمطالبة بالتدخل الإيراني إلى جانب سلسلة من التهم الأخرى.
وفي مقابلة أجريت مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عام 2018، وصف المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، بأنّه أسوأ من هتلر، حيث قال: “حاول هتلر احتلال أوروبا، أما المرشد الأعلى فيحاول احتلال العالم”، ووصف العقيدة التي تبنتها الثورة الإيرانية بـ”الشر المطلق”.
ولكن بحلول عام 2023، قرّرت السعودية مع غيرها من دول الخليج خفض التوتر الإقليمي، عبر خلق انفراجة وفتح المساعي الدبلوماسية باتجاه طهران، وقبل ذلك كان الأمير محمد بن سلمان قد فكك المؤسسات الدينية السعودية التي اعتبرها تغذي التطرف، ومن بينها تلك المؤسسات التي تثير النعرات الطائفية.
والسعودية، كغيرها من دول العالم العربي، تعاني من ضغوط بسبب الطفرة السكانية، وهذه المنطقة بحاجة لفرص عمل لابد من توفيرها للشباب، لأنّ عدم وجود أي أمل بالمستقبل كان من العوامل التي دفعت الشباب للانضمام إلى الجماعات الجهادية، والآن تسعى حكومات المنطقة لتغيير هذه الدينامية عبر تنمية اقتصادية طموحة تتضمن مخططات لبناء مدن مستقبلية وبرامج مخصصة للذكاء الصناعي وغيرها من المشاريع التقنية.
لهذا، فإن أي فوضى تحل على المنطقة من شأنها تخريب كل تلك المخططات، ولذلك فإن هجوم إسرائيل على إيران وانضمام الولايات المتحدة للهجوم أثار حالة من الذعر في بداية الأمر، وما أقلق الدول العربية وقتئذ ليس مجرد فكرة استهداف إيران لها رداً على ذلك الهجوم، بل أيضاً أقلقتها فكرة تكرار ما حدث في العراق، عندما أسفر الغزو الأميركي عن انهيار النظام العراقي، وظهور موجات غفيرة من اللاجئين، ناهيك عن سنوات سفكت فيها الدماء لأسباب طائفية.
ولكن في نهاية المطاف، بدد هذا النزاع القصير كل الأوهام بشأن قوة إيران، إذ على الرغم من الشكوك التي تحيط بمدى الأثر الذي خلفته الغارات التي استهدفت إيران على برنامجها النووي، فإن فشلها في حماية نفسها كشف مواطن ضعف متجذرة في تلك الدولة، وألمح إلى ظهور نظام إقليمي جديد قريباً.
سوريا.. ميدان للاختبار
إن سوريا التي عانت من التدمير خلال الحرب التي امتدت قرابة 14 عاماً أضحت اليوم ميداناً لاختبار ما سيظهر لاحقاً.
لم تجمع بين نظام الأسد والجمهورية الإسلامية الإيرانية كثير من المشتركات، لكنه تحالف مع طهران من منطلق العداء المشترك لإسرائيل وللرئيس العراقي السابق صدام حسين، لذا فإن عودة سوريا إلى الدائرة السنية تعتبر أشبه بالعثور فجأة على الجزء المحوري من لوحة بانورامية كبيرة.
تعتزم كل من السعودية وتركيا والإمارات، وكلها دول ذات غالبية سنية، إعادة إعمار سوريا وتحويلها إلى محور اقتصادي في هذه المنطقة، عبر ربطها بالطرق وأنابيب النفط وكابلات الألياف الضوئية، وإمدادها بالطاقة، بيد أن الحكومة المركزية الضعيفة في سوريا بحاجة إلى دعم، كما أن الكلفة التقديرية لإعادة إعمار سوريا تتراوح بين 250 و400 مليار دولار، وهذا المبلغ يعجز الاقتصاد السوري المنهار عن توفيره.
لذا بداية، وقبل كل شيء، يجب على الحكومة الجديدة أن تخمد الاختلافات الطائفية العنيفة التي كانت وقود الحرب السورية وما يزال بوسعها منع قيام دولة سورية موحدة، فقد خلفت أحداث الساحل التي وقعت بحق العلويين، أي تلك الطائفة التي ينتمي إليها “الأسد”، 1600 قتيلاً في شهر آذار الماضي، في حين أدّى التفجير الانتحاري الذي استهدف، في حزيران، مصلين في قداس بإحدى كنائس الروم الأرثوذوكس بدمشق ما لا يقل عن 25 ضحية.
إنّ الأصول الجهادية للميليشيا المتنوعة التي تشكل عماد الحكومة الجديدة تثير شكوكاً كبيرة، ولهذا يقول الدكتور نادر الهاشمي وهو خبير بشؤون الشرق الأوسط والسياسات الإسلامية بجامعة جورج تاون: “إن السوريين، وعلى الأخص الجماعة التي وصلت إلى الحكم في سوريا، تعود أصولهم لخلفيات يمينية متطرفة، ولتنظيم القاعدة المتطرف، وللإسلام السلفي السني الذي تحمل أصوله الفقهية والسياسية كبير عداء للإسلام الشيعي”، غير أن بعض المحللين يرون في المد المعادي للشيعة بين السوريين أداة لتقريع إيران.
يرى محللون مقربون من الحكومة السورية بأنها تسعى لإنهاء الفتنة الطائفية، تماماً كما هي حال الدول العربية الراعية لها وتركيا التي ترعاها هي أيضاً، فلقد خاض الزعماء العرب حالة تنافس ضارية في مناطق مثل لبنان، حيث مزقوا البلد عبر تمويل ميليشيات متناحرة. أما في سوريا، فيبدو أنهم يحاولون العمل فيها جنباً إلى جنب.
تعقيباً على ذلك، يقول العميد هشام مصطفى، وهو محلل سياسي واستراتيجي سوري سبق أن انشق عن جيش النظام إبان الثورة: “هنالك توازن جغرافي جديد قد بدأ بالتشكل حتماً، إلا أن معالمه لم تتضح بعد، لكن شكله بدأ يتحدد بوضوح، وخاصة بعد انسحاب النفوذ الإيراني من سوريا إلى غير رجعة، وفرض حالة أوسع من إعادة ترتيب أمور البيت العربي بعيداً عن الشعارات الطائفية”.
واعترف العميد مصطفى باستعانة بعض الناس بالتاريخ والدين لصياغة عبارات سياسية طائفية فيما يتعلق بالدور السوري الجديد، لذا فإن تشبيه حكام سوريا الجدد ببني أمية يلمح برأيه إلى أن “القيادة السياسية السورية تستعيد هويتها العربية الأصيلة وتتحرر من براثن الهيمنة الخارجية”.
في حين يرى الدكتور مصطفى العيسى وهو محلل سياسي سوري بأنّ القيادة السورية الجديدة لم تستخدم مصطلح بني أمية بشكل رسمي، ويقول: “الحكومة السورية تعمل بجد على رأب الصدع بين الطوائف السورية، بما أن أسهل وأخطر أداة استعان بها النظام السابق كانت الانقسام الديني، ليس فقط بين السنة والشيعة، بل أيضاً حتى داخل كل طائفة أو جماعة”.
“ما بين نارين”
لن تمانع الدول العربية إن تقهقرت إيران وانسحبت خلف حدودها، أو في حال تراجع تهديدها النووي، لأنّ ما أشد ما يقلق تلك الدول هو ما سيسفر عنه الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي سيجتاح المنطقة بدعم أميركي، كما أن العلاقات الودية التي أقامتها دول خليجية مع إسرائيل بقيت إشكالية، نظراً لغضب الرأي العام في الشرق الأوسط تجاه الحرب على غزة وما خلفته من ضحايا وكوارث.
وبعيداً عن الإطار الطائفي، تمثل تلك الحرب عقبة كبيرة أخرى أمام تحقيق حلم إقامة عالم عربي أشد ترابطاً واستقراراً عقب تراجع النفوذ الإيراني، ولكن، طالما بقيت القضية الفلسطينية بلا حل، فإنها ستظل مصدراً دائماً لانعدام الاستقرار في المنطقة.
يعلّق على ذلك بدر السيف وهو أستاذ التاريخ في جامعة الكويت، فيقول: “إننا هنا عالقون بين نارين، ودول الخليج لا ترغب قطعاً بأن تنضم إلى نظام إقليمي تقوده إسرائيل”.
لم يتضح ما الذي سيظهر بعد انحسار الفتنة الطائفية، إذ بقيت السياسة الخارجية لإيران غامضة، وكذلك الأمر بالنسبة لأذرعها في المنطقة التي عملت على تسليحها، وإلى أي درجة ستعمل تلك القوى على إعادة ترتيب صفوفها.
وقعت أقرب حادثة مماثلة لذلك في تسعينيات القرن الماضي، عندما التفتت إيران إلى إعادة بناء نفسها في الداخل، بعد أن عانت من الدمار الذي خلفته الحرب العراقية-الإيرانية، التي امتدت لثماني سنوات.
وضمن المساعي لإقامة حالة مصالحة إقليمية، تخلى المعتدلون الذين وصلوا إلى السلطة عن سعيها لتصدير الفكر الثوري للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالتالي، انصرف غالبية الشيعة في المنطقة بعيداً عن تلك المساعي.
وهنا يرى المحللون بأن شيئاً مماثلاً لذلك قد يحدث الآن، إذ مع تراجع النفوذ الإيراني، أصبح بوسع الدول العربية أن تمارس عملية الصد، ولذلك فإن الطائفة الشيعية في كل من سوريا والسعودية والبحرين قد تسعى للاندماج داخلياً بدلاً من أن تدعو للانفصال.
تعقيباً على ذلك، تقول لورانس لوير المتخصصة بشؤون الشرق الأوسط لدى مركز الدراسات الدولية في معهد العلوم السياسية بباريس: “ما يهمنا أن نراه خلال الشهور والسنوات القادمة هو كيف ستأخذ مراكز السلطة الشيعية في لبنان والعراق بل حتى في البحرين والباكستان الضعف الذي اعترى إيران بعين الاعتبار، إلى جانب مراعاتها لتراجع قدرة إيران على فرض تلك الشبكات الزبائنية على المجتمعات الشيعية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وقد نتمكن من معاينة ديناميات الأمة الشيعية، والديناميات المحلية وهي تتجاوز محاولات إيران لتحويل الشيعة إلى كتلة موالية لها”.
المصدر: The New York Times
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية