جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات حول مستقبل السياسة التجارية بين ضفتي الأطلسي، كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن تفاصيل الاتفاق التجاري الذي جرى مؤخرًا بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن الصفقة لا تشمل إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب والألومنيوم، والتي تبلغ نسبتها 50%. وعلى الرغم من الحديث عن مستقبل مبشر وتخفيف محتمل لتلك القيود الجمركية، إلا أن الواقع الحالي لا يزال يحافظ على الوضع السابق الذي فرضته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
بنود الصفقة التجارية: تفاؤل مشوب بالحذر
بحسب صحيفة The New York Times، فإن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي توصلا إلى اتفاق تجاري واسع النطاق لا يتضمن – حتى الآن – أي تعديلات على الرسوم الباهظة المفروضة على الصلب والألومنيوم، والتي تبلغ 50%، وهي رسوم تم فرضها عالميًا إبان إدارة ترامب.
وقالت الصحيفة إن:
“الرسوم الجمركية بنسبة 50% التي فرضتها إدارة ترامب على واردات الصلب والألومنيوم على مستوى العالم لا تزال سارية، وليست جزءًا من الاتفاق المبرم حديثًا.”
هذا التصريح الذي نقلته الصحيفة الأمريكية سلط الضوء على أحد أهم النقاط الجدلية في الصفقة التجارية بين أمريكا وأوروبا، والتي كان يُعتقد سابقًا أنها ستؤدي إلى تخفيف أو حتى إلغاء هذه الرسوم التي تؤثر على قطاع الصناعة الأوروبي.
لقاء القمة: الإعلان عن «صفقة ضخمة»
في يوم 27 يوليو، وخلال لقائه مع رئيسة المفوضية الأوروبية في إسكتلندا، أعلن الرئيس الأمريكي عن التوصل إلى ما وصفه بـ”الصفقة الضخمة” مع الاتحاد الأوروبي، والتي تشمل عددًا من الدول الأوروبية في إطار اتفاق واسع النطاق.
وقد صرّح الرئيس قائلًا:
“لقد توصلنا إلى صفقة ضخمة مع عدد كبير من الدول. سنتيح أسواقنا للتجارة مع الاتحاد الأوروبي بدون رسوم جمركية.”
هذا الإعلان جاء بعد شهور من التوترات التجارية المتزايدة، وخاصة في ظل بقاء رسوم الصلب والألومنيوم قائمة رغم الضغوط الأوروبية لإلغائها أو تعديلها.
منافع اقتصادية ضخمة للولايات المتحدة
لم تقتصر الصفقة التجارية بين أمريكا وأوروبا على الجوانب الصناعية فقط، بل امتدت أيضًا إلى قطاع الطاقة والاستثمار. حيث أكد الرئيس الأمريكي أن الاتحاد الأوروبي سيتجه إلى شراء الطاقة الأمريكية بقيمة 750 مليار دولار، في خطوة من شأنها تعزيز صناعة الطاقة الأمريكية وزيادة النفوذ الأمريكي في سوق الطاقة العالمية.
كما أضاف الرئيس أن الاتحاد الأوروبي سيقوم أيضًا بضخ استثمارات بقيمة 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، وهو ما وصفه المراقبون بأنه إنجاز اقتصادي ضخم يعكس تنامي التعاون التجاري بين الطرفين، رغم بعض التحفظات القائمة.
الخلفية: حرب الرسوم الجمركية والضغوط الأوروبية
الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب في عام 2018 على واردات الصلب (بنسبة 25%) والألومنيوم (بنسبة 10%) من دول العالم – بما في ذلك حلفاء أمريكا – كانت مصدرًا كبيرًا للتوتر بين واشنطن وبروكسل.
ومع مجيء الإدارة الجديدة، ازداد الأمل في أن يتم إلغاء هذه الرسوم، خاصة في ظل التصريحات التي أطلقتها الإدارة الأمريكية بشأن “إعادة بناء التحالفات” و”فتح الأسواق.” لكن الصفقة الجديدة بين أمريكا وأوروبا جاءت دون أن تفي بهذا التوقع الرئيسي، مما يُلقي بظلال من الشك على نوايا الإدارة الأمريكية في هذا الملف.
مستقبل العلاقات التجارية بين أمريكا وأوروبا
رغم أن الصفقة التجارية بين أمريكا وأوروبا تفتح المجال أمام استثمارات ضخمة وتبادل تجاري أوسع، فإنها تُبقي على قضايا شائكة مثل الرسوم الجمركية على حالها، وهو ما يُثير تساؤلات حول المرحلة المقبلة.
ويرى الخبراء أن الخطوة المقبلة قد تشمل مفاوضات تقنية لتعديل أو إلغاء الرسوم، خاصة أن التفاهم السياسي بات قائمًا بين الجانبين، لكن العقبات البيروقراطية والضغوط المحلية قد تعرقل الوصول إلى نتائج حاسمة في هذا المجال.
تأثيرات الصفقة على السوق الأوروبية
أثارت تفاصيل الصفقة التجارية بين أمريكا وأوروبا، كما نشرتها نيويورك تايمز، ردود فعل متباينة داخل أروقة الاتحاد الأوروبي. ففي حين رحّب بعض المسؤولين بالتقارب الاقتصادي مع واشنطن، عبّر آخرون عن خيبة أمل بسبب عدم التطرق إلى الرسوم الجمركية الباهظة على الصناعات الأوروبية الأساسية.
وفي هذا السياق، حذّر خبراء الصناعة الأوروبية من أن استمرار فرض الرسوم سيؤثر سلبًا على تنافسية المنتجات الأوروبية في السوق الأمريكية، مما قد يؤدي إلى خسائر فادحة في قطاعات كبرى مثل صناعة الصلب والألومنيوم والسيارات.
من المستفيد الحقيقي من هذه الصفقة؟
رغم أن الاتفاق يحمل وعودًا كبيرة للطرفين، إلا أن بعض التحليلات تشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المستفيد الأكبر من الصفقة التجارية مع أوروبا، بالنظر إلى المكاسب الضخمة في قطاعي الطاقة والاستثمار، مع بقاء الرسوم الجمركية كما هي.
ويعزز هذا الرأي إعلان الرئيس الأمريكي عن شراء الاتحاد الأوروبي طاقة بقيمة 750 مليار دولار، وهو ما يفتح الباب أمام المزيد من التصدير الأمريكي، دون تقديم تنازلات جوهرية فيما يتعلق بالرسوم التي تُعد من أبرز مطالب الأوروبيين.
ماذا بعد؟
الصفقة التجارية بين أمريكا وأوروبا تمثل خطوة استراتيجية هامة، لكنها لا تزال في بداياتها. ويرى المراقبون أن التنفيذ الفعلي لمختلف بنود الاتفاق سيحتاج إلى متابعة دقيقة، ومفاوضات مستمرة لتخطي العقبات التقنية والسياسية، خاصة فيما يتعلق بتحديث نظام الرسوم الجمركية.
كما أن موقف الكونغرس الأمريكي وبعض التيارات السياسية قد يلعب دورًا محوريًا في دعم أو عرقلة تنفيذ الاتفاق في صورته النهائية.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر