قطاعات منهكة تواجه العجز وضعف التمويل.. يونيسف تحذر من الأزمة الإنسانية في سوريا

حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في تقريرها الإنساني رقم 12، الذي يرصد الأوضاع في سوريا خلال النصف الأول من العام الحالي، من تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد بسبب الاحتياج الكبير وضعف التمويل.

ووثّقت المنظمة عودة أكثر من 1.5 مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية، ما يُسلّط الضوء على الحاجة الملحة لإعادة الإعمار وسد الفجوات الخدمية في تلك المناطق.

كما شهدت سوريا، منذ مطلع عام 2025 وحتى 30 حزيران، نحو 493 حادثة متعلقة بالذخائر المتفجرة، أسفرت عن مقتل 390 شخصاً وإصابة 536 آخرين، بينهم 108 أطفال لقوا حتفهم و205 أُصيبوا بجروح.

وبحسب المنظمة، حصل 4.5 ملايين شخص، من ضمنهم 2.6 مليون طفل، على خدمات أساسية، مشيرةً إلى أن 99% منهم يقيمون في مناطق تُصنّف ضمن أعلى مستويات الحاجة الإنسانية.

وسجّلت المنظمة، لأول مرة منذ عشر سنوات، إجراء الامتحانات الوطنية لنحو 61,066 طالباً داخل مجتمعاتهم في محافظات الحسكة، دير الزور، والرقة.

وبيّنت المنظمة أن نداءها الإنساني لعام 2025 لم يُموّل إلا بنسبة 25% من أصل 488 مليون دولار أميركي، مما يهدد استمرارية الخدمات الأساسية.

وأكد التقرير أن التصعيدات الأمنية الأخيرة، لا سيما في شمالي حلب وسد تشرين، أثّرت على البنية التحتية للمياه، كما أشار إلى أن الهجوم الانتحاري في كنيسة القديس إلياس بحي دويلعة بدمشق تسبب بمقتل 25 شخصاً.

ورصد التقرير تأثير التوترات بين إسرائيل، إيران، والولايات المتحدة، إذ أُغلقت الأجواء السورية مؤقتاً، وسُجّلت استهدافات لمكاتب منظمات، إلى جانب مقتل ثلاثة أشخاص بضربة جوية في إدلب، وهدم منازل ومصادرة مواشٍ خلال توغل قوات الاحتلال في درعا والقنيطرة.

وأشارت اليونيسف إلى استمرار خطر الذخائر المتفجرة الذي يهدد حياة 15.4 مليون شخص، إذ تقع 60% من الحوادث في أراضٍ زراعية، وتتصدر دير الزور قائمة المناطق المتضررة، تليها إدلب ثم حلب.

انعدام الأمن الغذائي

سلط التقرير الضوء على أزمة الغذاء، حيث يعاني أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويُقدّر عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد بنحو 600 ألف، من بينهم 177 ألفاً يعانون من الهزال الشديد.

وأشار إلى أن الزراعة تضررت بفعل أسوأ موجة جفاف تشهدها البلاد منذ 36 عاماً، إذ تراجع متوسط الهطولات المطرية بنسبة 54%، خاصة في الحسكة، وحلب، والرقة، مما أدى إلى عجز في محصول القمح يُقدّر بـ2.73 مليون طن متري.

ولفت التقرير كذلك إلى تضرر 8.5 ملايين شخص من نقص المياه، منهم 1.8 مليون بشكل حاد، مؤكداً أن ذلك يزيد من خطر سوء التغذية وتفشي الأمراض مثل الإسهال المائي الحاد.

أوضاع العائدين والنازحين

تحدثت المنظمة عن أوضاع العائدين الذين وجدوا مساكن مدمرة أو منهوبة، وتوترات طائفية، وغياباً في الخدمات التعليمية والصحية، فضلاً عن صعوبات في إثبات الملكية.

وما تزال حتى الآن 40 مدرسة في الحسكة و81 في الرقة تُستخدم كمراكز إيواء، مما يحد من الوصول إلى التعليم.

وتطرّق التقرير إلى أوضاع مخيم الهول، الذي يضم نحو 29 ألف شخص، بينهم 18 ألف طفل، ويعاني من قيود مشددة ومخاطر حماية، خصوصاً تجاه النساء والأطفال.

الوضع الاقتصادي

أوضح التقرير أن الاقتصاد السوري ما يزال يعاني من انكماش بنسبة 1.5% عام 2024، مع توقعات بنمو محدود بنسبة 1% في 2025، في ظل استمرار تحديات تتعلق بالسيولة، والتضخم، وانخفاض القوة الشرائية، وتقلبات سعر الصرف.

وأكد التقرير أن ربع السوريين تحت خط الفقر المدقع، وثلثي السكان تحت خط فقر الدخل المتوسط.

وسجّلت اليونيسف نزوح أكثر من 1,150 شخصاً في تموز 2025، بسبب حرائق اندلعت في ريف اللاذقية الشمالي، وأثّرت على أكثر من 14 ألف شخص، مما استدعى استجابة عاجلة في مجالات الإيواء والمياه.

التحركات السكانية

ذكر التقرير أن 1.6 مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم حتى 24 تموز، نصفهم من الأطفال، في حين أعرب مليون شخص عن نيتهم بالعودة خلال عامي 2025–2026، فيما عاد 719,801 لاجئ من دول الجوار منذ كانون الأول، 57% منهم من الأطفال.

وثلث العائدين توجهوا إلى حلب، تليها حماة، حمص، إدلب، ريف دمشق، ومن المتوقع عودة 600 ألف نازح من شمال غربي سوريا بنهاية فصل الصيف.

قطاع الصحة والتغذية

سلّطت المنظمة الضوء على جهودها في القطاع الصحي، حيث قدمت 1,221,308 استشارة طبية مجانية، منها 937,377 للأطفال، إضافة إلى تدريب 747 عاملاً صحياً، وتحصين 226,467 طفلاً بلقاح DPT و218,832 بلقاح MMR، إلى جانب توزيع أكثر من مليون و55 ألف جرعة من فيتامين A.

وفي ملف التغذية، وسّعت اليونيسف استجابتها لتشمل الوقاية والعلاج من جميع أنواع سوء التغذية، حيث تم تقديم العلاج لـ4,229 طفلاً، بينما استفاد أكثر من 502 ألف طفل و370 ألف مقدم رعاية من خدمات وقائية، إلى جانب إطلاق برنامج تحويل نقدي إنساني استفادت منه 6,000 أسرة.

قطاع التعليم

أما في قطاع التعليم، فقد حصل 536,691 طالباً على دعم تعليمي عبر تحسين البيئات الدراسية وتوزيع المواد التعليمية، كما أُعيد تأهيل 165 مدرسة وصيانة 28 غرفة صفية مسبقة الصنع، وتلقى 24,707 من الكوادر التعليمية تدريبات نفسية وحياتية.

وبحسب التقرير، فقد استفاد 332,105 طلاب من بيئة تعليمية أفضل عبر الأثاث، والإسعافات، والطاقة الشمسية، والحقائب المدرسية.

المياه والإصحاح

وفيما يتعلق بالمياه والإصحاح، وصلت خدمات المنظمة إلى 14 مليون شخص في مختلف المحافظات، من خلال تعقيم المياه، وتحديث البنى التحتية، وتوزيع مواد التنظيف، إضافة إلى إنشاء منشآت تخزين وتوسيع مشاريع الطاقة الشمسية في محطات المياه.