في الأول من أيلول عام 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية، تلك النار التي استمرت ست سنوات أحرقت الأرض والإنسان، وانتهت في الثاني من أيلول عام 1945، بعد أن حصدت أرواح عشرات الملايين، وخلّفت وراءها نظاماً دولياً جديداً يقوم على منطق القوة وحدها. واليوم، ونحن في عام 2025، نطوي ثمانين عاماً على إسدال الستار عن تلك المأساة الكونية، غير أن دروسها ما تزال تنبض في الواقع الحاضر: الأمم لا تُحترم بالشعارات ولا بالخطابات، بل بما تملك من علمٍ ومعرفةٍ وصناعةٍ وقوةٍ تردع بها عدوّها.
قال الله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ”، آية وضعت للأمة قاعدة خالدة؛ فالإعداد واجب، والهيبة لا تُكتسب بالتبعية، ولا تُصان الكرامة إلا بالاستعداد الشامل. وما بين عام 1945 وعام 2025 فارق يكشف حجم الحقيقة: هناك أمم بنت الجامعات والمختبرات والمصانع فأصبحت مرهوبة الجانب، وهناك أمم استسلمت لعجزها، فبقيت مجرد ميادين لتجارب الآخرين، وأسواقاً لأسلحتهم.
إن مرور ثمانين عاماً على نهاية الحرب ليس مجرد ذكرى تاريخية تُسجَّل في كتب المدارس، بل هو جرس إنذار للأمة، ونفير صريح بأن المستقبل لا يرحم المتخاذلين. فلا نهضة بغير علم، ولا حرية بغير قوة، ولا كرامة بغير إعداد. الأمة التي تريد أن تعيش حرة عزيزة عليها أن تمسك بزمام العلم كما تمسك بزمام السلاح، وأن تُدرك أنّ وقت التبعية قد ولّى.
يا أبناء الأمة… إن كنتم تريدون أن تُرهبوا عدوّ الله وعدوّكم، فانهضوا بعلمكم وصناعتكم وقوتكم، واجعلوا من القرآن منهج إعداد ومن التاريخ عبرة، فالنصر لا يُمنح للضعفاء، وإنما يُنتزع انتزاعاً بالإيمان والجهد والتضحية.