«نبض الخليج»
بعد مسيرة طويلة في المسرح والسينما والدراما مليئة بالأعمال، تم تكريم الفنان المتميز ضياء الميرغني ضمن فعاليات مهرجان نقابة المهن التمثيلية المصرية. لقاء عاطفي ومؤثر شهد بكاءه وتصفيق الجمهور وتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
في هذه المقابلة الخاصة مع بوابة روزال يوسف، فتح الفنان القدير ضياء الميرغني قلبه للحديث عن مسيرته الطويلة، وتأخر التكريم، وعتابه للوسط الفني، وسر الكيمياء الفنية بينه وبين الزعيم عادل إمام.
– بداية نبارك لك هذا التكريم المستحق. كيف تلقيتها؟ أولاً، هذا الشرف أسعدني. وهذا التكريم مستحق، ولكنه في نفس الوقت جاء متأخرا جدا. أنا لست فنان “ابن اليوم”. أو صاحب عمل واحد، لكن الأمر بدأ منذ السبعينيات. حصلت على أول جائزة لي كممثل رائد في الثقافة الشعبية عام 1970، عندما كنت ضمن فرقة مسرح المنيا، قبل أن أتخرج من معهد الفنون المسرحية عام 1976.
قدمت خلال مسيرتي العديد من الأعمال في المسرح والسينما والتلفزيون، لكن للأسف لم يتم الاهتمام بهذه المساهمات حتى الآن، بعد أن مرضت ولم أتمكن من العمل. ومع ذلك، كان لقاء الجمهور وتفاعلهم خلال التكريم لحظة ثمينة للغاية. كانت مشاعرهم وحبهم مهمة.
لكن هناك الكثير ممن يتم تكريمهم "ليس مهما" وفي الفن والتمثيل، هناك أيضًا العديد من الفنانين الذين تم تكريمهم مبكرًا جدًا بإنجازات وأعمال قليلة جدًا، وعلاقتي بالجمهور كبيرة جدًا وحبهم كبير، وهو ما رشحني لأكون ممن قدموا لمهنة التمثيل أعمالًا جيدة كثيرة، ولذلك جاء التكريم متأخرًا، لكني كنت سعيدًا بلقاء الجمهور وتقدير الناس، والقائمين على المهرجان رأوا بأنفسهم كيف يحبني الجمهور، وكم أحبني، وتعاطف الجمهور معي، واندهش الجمهور. في التأخير. شرف لي.
– خلال مسيرتك الفنية، هل شعرت بالتقدير الكافي من البيئة؟
بصراحة، لا. لأن الكثير ممن يشغلون مناصب أو مسؤوليات في الوسط الفني لا يملكون الأدوات الحقيقية لتقييم الفنانين، ولا يعرفون تاريخ من يقومون بتكريمهم. غالبًا ما يعتمد التكريم على المجاملات أو العلاقات، وليس على معايير فنية أو معايير الجمهور الحقيقية.
لكن على الرغم من ذلك، ظل الجمهور هو المعيار الحقيقي بالنسبة لي، وهم الذين أنصفوني في النهاية. إنهم من مارسوا الضغط المعنوي لاستعادة سمعتي وشرفي بعد كل هذه السنوات.
– كيف رأيت التفاعل الكبير من الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي بعد التكريم؟
تفاجأت.. ما حدث على الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي كان بمثابة عاصفة حب. لقد تلقيت آلاف الرسائل والتعليقات من أشخاص يقولون إن هذا التكريم طال انتظاره، وأنني كنت أستحقه منذ سنوات عديدة. لا يمكن تزييف هذا التفاعل الصادق.
– هل كنت تتوقع هذا التكريم في هذا الوقت؟
بصراحة، لا. كنت أمر بظروف صحية صعبة، وأجريت عملية جراحية لم تنجح، وغبت عن الساحة الفنية لمدة ثلاث سنوات. ولم يسأل أحد عني. وكأن الفنان لا يُكرم إلا إذا كان غائباً أو ميتاً. هناك العديد من الأسباب التي تجعلني أستحق التكريم في وقت مبكر جدًا.
الشرف الحقيقي ليس لحظة احتفال، بل هو تقدير لرحلة وعطاء حقيقي. لم أطلب ذلك يومًا، ولم أشتكي من مرضي، ولا من عدم تقديري، ولم أستخدم علاقاتي لتحقيقه. وحتى أخي الراحل رجائي الميرغني الذي كان ممثلا لنقابة الصحفيين، لم يستغل وجوده في الصحافة للحديث عني أو تسليط الضوء على عملي.
– رأيناك تبكي في لحظة التكريم.. ماذا كان يدور في ذهنك حينها؟
بكيت لأنني قلت أخيراً… أنت تبكي عندما تستحق شيئاً ويأتي عندما تكون في نهاية حياتك. وأخيراً انتبه أحدهم لما قدمته. شعرت أن هذه اللحظة جاءت في نهاية الرحلة، وليس في ذروتها. التمثيل ليس مجرد مهنة بالنسبة لي، بل هو رزقي وإيماني. لم أكن أملك عملاً أو مطعمًا، بل كنت أملك فنًا فقط.
وكانت دموعي تعبيراً عن تراكمات سنوات طويلة من العمل دون تقدير. التمثيل بالنسبة لي رسالة، والدول التي لا تحترم الفن لا تنهض، لأنه مرآة المجتمع وصوته. أي دولة بلا فن ليست دولة.
– كيف تصفين مسيرتك الفنية التي امتدت لعقود في المسرح والدراما والسينما؟
أنا مجرد مواطن أحب مهنته وأدافع عنها بكل طاقتي. لم أتنازل يوماً عن قناعاتي، ولم أقل أن الفن حرام. على العكس من ذلك، كنت أؤمن دائمًا بدورها في بناء الوعي. الفن ضرورة ثقافية، ولهذا حرصت دائمًا على تقديم الأعمال التي تترك أثرًا، حتى لو كان بسيطًا.
كان لدي إيمان مطلق منذ طفولتي بأن للفن دور في الحياة أكبر من دور أي مجال آخر. وهي المنارة، كما يقولون، منارة لفهم الشعوب والإيمان بدور الفن والأدب والثقافة. إنه صراع من نوع آخر، ليس ماديا، بل معنويا، من النوع الذي يبني الشعوب، وحتى الآن يتحدث الجمهور عن نجيب الريحاني وعلي. الكسار… كان الفنانون القدماء قبل المعاهد الفنية يحفرون بأيديهم في الصخر.
– شكلتا ثنائياً ناجحاً مع الزعيم عادل إمام.. ما سر هذا التفاهم بينكما؟
عادل إمام فنان ذكي للغاية، فهو يراقب ويتابع كل ما هو جديد في الساحة، ويعرف كيف يختار من يشاركه أعماله. كان يراقب دائما الحركة الفنية والفنانين الناشئين لأنه كان نجما وهذا سر نجوميته. و "التشاور معي" هو من سألني وقال عني إنني أؤدي أدواراً مختلفة بأداء مميز، وأنني أضيف إلى العمل بغض النظر عن نطاق دوري.
قدمت معه أدواراً متعددة، منها شخصية «الإرهابي المظلوم» وغيرها، وكانت مساحة للتعبير الفني الصادق، وليس مجرد أداء كوميدي أو سطحي.
– مشهدك الشهير في فيلم “السفارة في العمارة” مع عادل إمام عندما قلت: (أنت في مكانك وليس هنا).. الجمهور ما زال يتحدث.. ما تفسيرك لهذا الصدى المستمر؟
وهذا مجرد مشهد واحد في الفيلم. انظر إلى حجم تأثيرها، وانظر إلى حجم الصدق في هذا المشهد. كنت أقول الكلام الذي يرددونه دائماً، والصراع الذي كان بين أن تكون إنساناً مؤمناً وآخر، لأن الإيمان ليس إرهاباً. وهنا دور الفنان أن يقدم التنوير للجمهور. لذلك، يستمر الفن ولا يزال الجمهور يتذكر هذا المشهد.
وهذا المشهد دليل على أن الصدق في الأداء لا ينسى. الجملة البسيطة «مكانك ليس هنا.. مكانك فوق» بقيت لأنها جاءت من القلب، ولأنها تحمل أبعاداً إنسانية حقيقية.
وهذا هو دور الفن، تسليط الضوء على قضايا الناس والصراعات الأخلاقية في المجتمع. نفس الأمر حدث مع دوري في فيلم «بوبوس»، حيث جسدت العامل البسيط المظلوم، وهذه النماذج موجودة حولنا، والفن يعيد تقديمها بوعي.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية