جدول المحتويات
«نبض الخليج»
كشف مدير قسم المشاريع في مجلس مدينة حلب، المهندس مصطفى قرنفل، لموقع تلفزيون سوريا، أن “عمليات إعادة إعمار سوق الزرب وسط المدينة القديمة بحلب قد انطلقت بعدما انتهت الدراسات الخاصة بالمشروع الذي سيتم تنفيذه بالشراكة بين مجلس المدينة وجمعيات ومنظمات أهلية وثقافية” وأوضح قرنفل أن السوق الذي يضم 71 محلاً تجارياً ستنتهي أعمال ترميمه خلال فترة 6 أشهر، والكلفة التقريبية للمشروع هي 48000 دولار أميركي، وفق قرنفل.
ترميم سوق الزرب
وأغلق مجلس مدينة حلب سوق الزرب مؤقتاً حرصاً على سلامة المواطنين والزوار، وأوضح قرنفل أن “قرار الإغلاق جاء عقب دراسة فنية متخصصة أوصت بضرورة تنفيذ أعمال الصيانة والتدعيم لضمان استقرار البنية الإنشائية والحفاظ على الطابع التاريخي للسوق”. كما بدأت ورشات الصيانة أعمالها بإشراف كوادر فنية مختصة، حيث سيتم تنفيذ الأعمال وفق جدول زمني محدد بهدف إعادة افتتاح السوق (الذي تعرض لأضرار متوسطة وبالغة في بعض أجزائه بقصف سابق لقوات النظام المخلوع) في أقرب وقت ممكن مع الالتزام بمعايير السلامة وجودة التنفيذ. وأشار قرنفل إلى أن أصحاب المحال سيكون في إمكانهم تسلم محالهم فور انتهاء عمليات الترميم كي يعودوا إلى تجارتهم وأعمالهم من جديد.
لم تكن الحرب التي شنها النظام المخلوع حرباً على الشعب السوري ومقدراته الاقتصادية، بل طالت أيضاً تاريخه وإرثه الحضاري، وتسببت بوقوع كارثة إنسانية وثقافية تركت آثارها العميقة على البشر والحجر، وكانت مدينة حلب، إحدى أقدم المدن المأهولة في التاريخ، من أكثر المدن التي نالها الألم والدمار، يقول قرنفل “لن تتوقف أعمال الترميم عند سوق الزرب، بل ستصل معاول الإعمار إلى جميع الأسواق القديمة، وبينها سوق العطارين وسوق العبي”.
يشكل ترميم أسواق المدينة القديمة بحلب خطوة أساسية في الحفاظ على الهوية التاريخية للمكان، وإحياء لرموز المدينة، الدينية والثقافية والاقتصادية، فهذه المواقع ليست مجرد مبان أثرية، بل هي نقاط جذب حيوية وسياحية، ومع بداية عهد الحكومة السورية الجديدة، كان ملف إعادة إعمار الأسواق والمعالم التاريخية في قائمة أولوياتها، ففي حلب تولى مجلسا المحافظة والمدينة الإشراف المباشر على عدد من مشاريع الترميم، أهمها الجامع الأموي الكبير، وهم الآن في طور إطلاق عدة مشاريع في الأسواق القديمة المجاورة للجامع.
جولة في سوق الزرب
جال موقع تلفزيون سوريا أحياء وأسواق حلب القديمة المحيطة بقلعة حلب، يقع سوق الزرب على مسافة 100 متر من باب القلعة الرئيسي، وهو ملاصق لفندق كارلتون القلعة أيضاً، تبدو أعمال الترميم في بدايتها، وضع عمال الورش عوارض حديدية في مدخل السوق ليمنعوا الزوار من الدخول خوفاً عليهم من انهيارات محتملة، وقبيل الانطلاق الفعلي للأعمال يتم تجهيز المعدات ومواد البناء التي من المفترض أن يتم استخدامها.
وخلال الجولة التي أجراها موقع تلفزيون سوريا بدا أن العدد الفعلي للمحال في سوق الزرب يصل إلى 73 محلاً تجارياً، 71 منها مدمر، وهناك محلان عند مدخل السوق الرئيسي ما يزالان قائمان، الأول تباع فيه ألبسة عربية (كلابيات وعبايات وفروات رجالية وألبسة تراثية صوفية) والمحل الثاني تباع فيه التحف والهدايا ويملكه حسن قضيماتي بالشراكة مع عدد من إخوته، وكشف قضيماتي لموقع تلفزيون سوريا، أنه ورث المحل هو وإخوته عن أبيه وجده، ومحلهم كان متضرراً بشكل جزئي ولأنه يقع في مدخل السوق قبالة القلعة فقد قاموا بترميمه وافتتاحه منذ العام 2018 كي يستفيدوا منه ويغطوا من خلاله مصاريف المعيشة المرتفعة لأسرهم.
وأشار قضيماتي إلى أن “سوق الزرب أخذ تسميته من السلع التي كانت تباع في السوق، وهي سلع مخصصة لأهل البادية، كبيوت الشعر ومستلزمات الرعاة والبدو، وهي السلع التي كانت غالبة على دكاكين السوق قبل العام 2011، إلى جانب سلع أخرى كانت تباع في دكاكين أخرى، كالتحف والشرقيات والألبسة”. وأضاف قضيماتي أن “السوق المستقيم الذي يضم الزرب والعطارين والعبي أحد أهم الأسواق في المدينة القديمة، وأصحاب المحال بانتظار ترميمها كي يعودوا اليها ويعيدوا لهذا المكان ألقه ونضارته التي افتقدها منذ سنوات طويلة”.
إعادة إعمار المدينة القديمة
يبدو أن الحديث عن ترميم سوق الزرب ليس جديداً، إذ سبق أن وقعت الأمانة السورية للتنمية والتي كانت تملكها زوجة الرئيس المخلوع، أسماء الأسد، مع المديرية العامة للآثار والمتاحف وبنك بيمو السعودي الفرنسي بالشراكة مع محافظة حلب ومجلس المدينة اتفاقية تعاون لإعادة تأهيل وترميم سوق الزرب في آذار/مارس من العام 2024، وكان من المفترض أن تنطلق الأعمال منذ ذلك الوقت لكنها تأخرت لأسباب غير معلومة، وكان من المفترض أن يستمر مشروع الترميم 15 شهراً.
قال بشار حداد من أبناء المدينة القديمة بحلب، لموقع تلفزيون سوريا، إنه “لم يكن أحد من مالكي المحال في المدينة القديمة يثق في الأمانة السورية للتنمية التي تديرها أسماء الأسد، والتي حاولت عبر أذرعها شراء العديد من المحال والمواقع في أسواق الزرب والعطارين، وفي سوق السفاحية القريب الذي نجحت مجموعة قاطرجي بشراء عدد كبير من المحال داخله وفي محيطه القريب، لذا كان الظن السائد بين مالكي محال المدينة القديمة بأن الأمانة ستغير الطابع التاريخي للأسواق بالشكل الذي يتوافق مع أطماعهم الاستثمارية”.
ومن خلال الناس الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا داخل الأسواق القديمة، كان الشعور السائد هو التفاؤل بأن المدينة القديمة سيعود لها ألقها وتعود لتنبض بالحياة، فالحكومة وبرغم أعبائها وحملها الثقيل اقتصادياً وأمنياً، لم تنس الالتفات إلى المواقع التاريخية المدمرة، ومن بين الشائعات المتداولة بين تجار الأسواق القديمة، هو أن مؤسسة الآغا خان ستكون العمود الفقري لعمليات الترميم، بسبب خبرتها، فقد سبق أن ساهمت في ترميم عدة أسواق (السقطية 1 و2، ساحة الفستق، الحبال، خان الحرير، الأحمدية، الحدادين، الخيش، المحمص 1).
يرى مدير دائرة الإعلام في حلب، عبد الكريم ليله، أن “عمليات إعادة الترميم في الأسواق القديمة مهم جداً في هذا التوقيت، أولاً إعادة مواصفات المكان التاريخية في المواقع التي عمل النظام المخلوع وحلفاؤه الإيرانيون على تشويهها، والأمثلة كثيرة في بعض الأسواق وفي الجامع الأموي الكبير، كذلك تشكل عودة الأسواق القديمة إلى الحياة دافعة اقتصادية مهمة وتدفع عجلة التجارة والسياحة وتعيد لقلب المدينة التاريخي بهجته وعراقته”.
الجامع الأموي الكبير
يمثل الجامع الأموي الكبير في حلب واحداً من أبرز المعالم الدينية والتاريخية في المدينة، وقد تعرض لأضرار جسيمة بسبب تمركز قوات النظام المخلوع داخله لعدة سنوات، وتحوله في أكثر من مرة إلى منطقة اشتباك مع المعارضة السورية سابقاً.
التقى موقع تلفزيون سوريا، نائب محافظ حلب، السيد فواز هلال، حيث قال إن “أعمال الترميم في الجامع الأموي الكبير قد وصلت إلى مرحلة متقدمة، حيث تم الانتهاء بنسبة 95% من أعمال ترميم المئذنة والقسم القبلي، في حين تتراوح نسبة الإنجاز في بقية أجزاء الجامع بين 40 و 80 %”.
وأشار هلال إلى أن “أعمال ترميم المكتبة والساحة الخارجية ما زالت في بداياتها، وأن المدة الزمنية المتوقعة لاستكمال أعمال الترميم للجامع كاملة تتراوح بين سنة إلى سنة ونصف، مؤكداً أن حجم الأضرار كبير، خصوصاً في المئذنة والقسم الشرقي من الجامع، مضيفاً أن الترميم يجري وفق معايير عالمية وباستخدام أحدث التقنيات مثل المسح الليزري والتوثيق الفوتوغرافي، لضمان الحفاظ على الهوية التاريخية للجامع”.
يعد الجامع الأموي من أهم المعالم الدينية والأثرية في مدينة حلب، فقد بُني في العصر الأموي تقريباً في عام 716م (97 هـ) ويحتوي على مقام النبي زكريا، كما يمثل وجهة سياحية مهمة، وهو مسجل في قائمة مواقع التراث العالمي منذ عام 1986، ويتطلب ترميمه جهوداً مضاعفة للحفاظ على هويته التاريخية والمعمارية.
وبحسب هلال، يتميز الجامع في زخارفه التي تمزج بين فنون العمارة الإسلامية المختلفة، من العصر الأموي مروراً بالسلجوقي والمملوكي والعثماني، ما يستدعي إشراف مهندسين مختصين وحرفيين ذوي خبرات عالية في مجال الترميم، وأضاف “قبل البدء بأعمال الإصلاح أعد مجلس محافظة حلب دراسات ترميمية وتدعيمية مع التركيز على الحفاظ على الأحجار والمناصر المعمارية المميزة، والقيام بالتدخلات وفق الحد الأدنى الموصى به في المواثيق العالمية المختصة بالتراث، أعمال الترميم تشرف عليها فرق من المهندسين المختصين والآثاريين مستخدمين المواد التقليدية والأدوات الحديثة بحسب الضرورة”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية