جدول المحتويات
«نبض الخليج»
آلاف من الطلاب السوريين الذين تخرجوا أو على أبواب التخرج من جامعات التعليم المفتوح في تركيا يعيشون أصعب اللحظات بعد صدور قرار لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سوريا ترفض فيها الاعتراف بجامعات تركيا (الافتراضي، والتعليم المفتوح، وعن بعد)، ما يجعل سنوات التعب التي قضوها في الدراسة قد ذهبت هباءً.
وفي حملة واسعة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، شرح آلاف الطلبة حالتهم، مطالبين وزير التعليم العالي د.مروان الحلبي، والمعنيين في الحكومة السورية الجديدة بمراجعة القرار ووضع حدٍ لمثل هذه القرارات التي تصدر دون معرفة واقع التعليم المفتوح والذي يعد تعليماً نظامياً معترفاً به داخل تركيا وفي معظم الدول بالعالم وتمكن المئات من الطلبة السوريين من استكمال تعليمهم العالي بالماجستير والدكتوراه بعد التخرج منه.
وفي ظل الوضع الاقتصادي والقانوني الصعب الذي كان يعيش فيه اللاجئون السوريون بتركيا، لم يكن استكمال التعليم الجامعي الذي حرموا منه في سوريا سهلاً أو ميسراً، رغم تمكن البعض من دخول الجامعات عبر نظام الاستكمال، إلا أن عدداً كبيراً لم يتمكن من استعادة أوراق تسجيله أو لم يكن يملك المال في ظل اضطراره للعمل أو بالنسبة للأمهات اللواتي يربين أبنائهن فلذلك لجؤوا للتعليم المفتوح في ثلاث جامعات تركية مرموقة هي “الأناضول وإسطنبول وأتاتورك”.
ما هو التعليم المفتوح في تركيا؟
ويعد التعليم المفتوح بتركيا موازياً للتعليم الجامعي التقليدي بالنسبة لأفرع معينة لا تتطلب حضوراً مباشراً إلى الحرم الجامعي، إلا أنه يتم تدريس الدورات في بيئة افتراضية تماماً عبر أجهزة الكمبيوتر، إلا أن الامتحانات الفصلية تتم في قاعات مراقبة والغش فيها مستحيل ولكل طالب ورقته بنموذج امتحاني خاص به، وكل 4 أجوبة خاطئة من الأسئلة تحذف جواباً صحيحاً الأمر الذي يزيد من صعوبة الامتحانات والتخرج في الجامعة.
وبعد أزمة كورونا اعتمدت كل الجامعات في العالم والمدارس على نظام التعليم عن بُعد، لمدة تراوحت بين عامين إلى ثلاثة أعوام، وما زالت برامج الدكتوراه بالعديد من الجامعات تعتمد على مناقشة الأطروحات عبر نظام الفيديو.
ماذا قالت وزارة التعليم العالي السورية؟
موقع تلفزيون سوريا، اتصل مباشرة مع الدكتور عبد الحميد الخالد معاون وزير التعليم العالي للشؤون العلمية والبحث العلمي، وهو الذي وقع القرار بما يخص عدم الاعتراف بالتعليم المفتوح والافتراضي وعن بعد، مبيناً إن القوانين والأنظمة في الوزارة لا تسمح إلا بالاعتراف بالجامعات ذات الحضور الفيزيائي الاعتيادي ولا تعترف ببرامج التعليم المفتوح أو التعليم الافتراضي الملحق بها، ليس فقط بالنسبة للجامعات التركية إنما كل جامعات العالم.
وأضاف الخالد أنه ربما لاحقاً يكون هناك اتفاقيات بين وزارة التعليم العالي وكل جامعة على حدى استقبال الوثائق وملف الجامعة بما يخص التعليم المفتوح أو الافتراضي، وقد يكون هناك اعتراف محدد من قبل مجلس التعليم العالي في سوريا لبرنامج محدد ضمن التعليم المفتوح وليس كل نظام التعليم المفتوح.
وعند نقل مطالب الخريجين والطلبة في التعليم المفتوح بتركيا للدكتور الخالد أوضح أنه يمكن أن يكون هناك نقل بين برامج التعليم المفتوح في سوريا وما يوافقها في تركيا، أما بالنسبة للبرامج غير الموجودة في سوريا فإنهم يحتاجون تسوية تقر بها الوزارة لاحقاً.
حملة طلابية واسعة
وأطلقت “حملة اعتراض على قرار عدم الاعتراف بالتعليم المفتوح في سوريا” شارك بها أكثر من ألف طالب، إلى جانب عشرات المنشورات التي تضامنت مع الطلبة الذين يواجهون خسارة مستقبلهم بسبب قرار الوزارة.
وجاء في بيان الحملة، إن “طلاب سوريا الذين اضطروا لترك مقاعد الدراسة في وطننا بسبب الثورة السورية وبطش النظام، وجدنا أنفسنا مجبرين على الهجرة بحثاً عن الأمان والكرامة. وعندما وصلنا إلى تركيا، كنا في أوضاع مأساوية من الناحية النفسية والمادية والتعليمية”.
وأضاف “رغم كل ذلك، لم نتخلَّ عن حلمنا في إكمال دراستنا، فاخترنا التعليم المفتوح الجامعي في تركيا، كونه معترفاً به في معظم دول العالم، ولأنه يناسب ظروفنا الصعبة حيث يمكننا أن نعمل وندرس في آنٍ واحد”.
وأردف “واجهنا الكثير من التحديات، إذ كنا نحمل على عاتقنا مسؤوليات مادية تجاه أنفسنا وعائلاتنا في سوريا، ومع هذا صبرنا وثابرنا حتى تخرجنا.
ولكن بعد هذا الجهد كله، فوجئنا بقرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سوريا بعدم الاعتراف بشهادة التعليم المفتوح الصادرة من الجامعات التركية. هذا القرار هو ظلم واضح، وإجحاف بحق آلاف الطلاب السوريين الذين اختاروا هذا النمط من التعليم اضطراراً، لا ترفاً”.
وأشارت الحملة إلى أن “أكثر من 60% من الطلاب السوريين في تركيا يدرسون في نظام التعليم المفتوح. فهل يُعقل بعد هذا النضال والتهجير والتعب، أن يُقال لنا: (شهاداتكم غير معترف بها)؟”.
وناشدت الحملة الجهات المعنية النظر في وضع الطلبة، وإنصافهم، والاعتراف بشهاداتهم، لأنها ثمرة كفاح، ورمز للصمود في وجه التهجير والقهر والحرمان.
ورصد موقع تلفزيون سوريا مئات المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبة الوزارة بتعديل قرارها، والسماح للطلبة بمعادلة شهاداتهم للتمكن من العمل بها في سوريا أو استخدامها لاستكمال تعليمهم العالي بالماجستير والدكتوراه مثل أي مكان في العالم.
أم لطفلين ومستشارة تربوية
وقالت مارية عكيدي إحدى المشاركات في الحملة، انضميت إلى حملة الطلبة لأنني درست وتخرجت من جامعة إسطنبول بنظام التعليم المفتوح في كلية تنمية الطفل، مبينة أن نظام التعليم المفتوح كان فرصة بالنسبة لها بعد سنوات من انقطاع تعليمها الرسمي بجامعة حلب في كلية التربية – قسم الإرشاد النفسي.
وأضافت عكيدي في حديث لموقع تلفزيون سوريا، “غادرت حلب عام 2012، حاولت أن أجري دورات بالمجال وتطوعت بعدة جهات، لكن كنت اتطلع دائماً لفرصة أكمل فيها تعليمي بطريقة أكاديمية، وكان التعليم المفتوح فرصة بعد سنوات انقطاع، وبحكم إنني أم لطفلين بداية كان عندي تخوف وتردد من فكرة نظام التعليم المفتوح”.
وتابعت مارية “بعد البحث والسؤال تبين معي أن التعليم المفتوح بتركيا نظام متطور وفرصه بالعمل والدراسات العليا لا تختلف عن طلاب التعليم النظامي، لذلك بدأت فوراً ودرست وتخرجت بمعدل ممتاز ونلت شهادة الشرف العليا”.
وأشارت إلى أنه من خلال الشهادة نفسها تمكنت من الحصول على دبلوم مستشار أسري في جامعة مرمرة الحكومية، وأصبحت مستشارة أسرية معتمدة في تركيا.
تتابع مارية قصتها مؤكدة أنها “واجهت مشاكل بعدها بالحياة المهنية، لم تكن مرتبطة بنوع التعليم الذي تلقيته، بل كانت مرتبطة بجنسيتي السورية، وهي المشاكل التي عانى منها حتى السوري الذي تخرج في جامعات التعليم النظامي”.
وشددت عكيدي على أن “طلاب التعليم المفتوح حسب تجربتي وخبرتي صحيح أنهم لم يتلقوا تعليماً ومحاضرات ببيئات تعليمية مع زملائهم بس كانت المقررات متاحة بأي وقت وقدروا السوريين يعملوا مجموعات وتجمعات طلابية بتضم طلاب من كل فرع من فروع التعليم المفتوح وساندوا بعضهم بمشاركة المقررات وقصص الترجمة وغيره، لذلك كان واضحاً تمكن الطلبة من تنسيق حملة والمشاركة فيها بأعداد كبيرة.
ولفتت كذلك إلى أنه على وزارة التعليم العالي إعادة النظر بقرارها، خصوصاً أن تركيا لها خصوصيتها بعدد اللاجئين وظروفهم والصعوبات التي تعرضوا لها على مدار السنوات، مشيرة إلى أن العديد من الزملاء لم يكن أمامهم سوى التعليم المفتوح بسبب ظروف العمل أو عدم القدرة على تحمل تكاليف التعليم النظامي والسكن والانتقال لولاية أخرى، وطلبة آخرون كانوا يعملون في الصيف حتى يتمكنوا من جمع الأجور الفصلية للجامعة وثمن الكتب والمقررات.
وختمت عكيدي حديثها بالقول: “أنا اليوم تمكنت من العمل، وإثبات نفسي بمجالي وفخورة بتجربتي وبالتعليم الذي تلقيته، لكن الشعور المؤسف والمحزن أنني أعود إلى بلدي سوريا الحرة بعد التهجير القسري ويبقى شعور التمييز وعدم الإنصاف يلاحقني فيه”.
خسرنا تعليمنا بعد نصرة الثورة السورية
من جانبه، قال فيصل الحميدي أحد منسقي الحملة، أنا خريج بكالوريوس في العلوم السياسية والادارة العامة من جماعة الأناضول بمرتبة الشرف، والمرجو
من هذه الحملة إيصال صوتنا للجهات المعنية ومراجعة قراراتهم التي أخشى أنها بنيت على تصور أو حكم مسبق تجاه أي تعليم مفتوح دون معرفة التفاصيل الموجودة في تركيا.
وأضاف الحميدي لموقع تلفزيون سوريا، أنا أرى أن التعليم العالي يوازيه وفي بعض الأحيان أرى بأنه أكثر صعوبة كون الطالب يحتاج إلى جهد شخصي مضاعف للحفظ والفهم.
وأكّد أنه يختلف حسب المكان بتركيا التعليم المفتوح موازي للتعليم الفيزيائي وبرامجه متطورة جداً وتتحدث باستمرار حتى نظام الامتحانات يكون في الجامعات أو مراكز قريبة ضمن بيئة مراقبة شديدة ومضبوطة.
ولفت الحميدي إلى أنه يجب مراعاة وضع الطلاب، خصوصاً أن هؤلاء الأشخاص انقطعوا عن الدراسة ولم يجدوا سبيلاً لاستعادة مقاعدهم الجامعية بسبب استبداد النظام، في عام 2012 بسبب التحاقي بركب الثورة خسرت دراستي وعدت بعد ثماني سنوات للتعلم من جديد، كنت متزوج حينها ولدي طفل وعمل إضافة للقوانين المشددة التي وضعتها تركيا حول موضوع السفر للاجئين، خياري الوحيد والمتاح كان التعليم المفتوح.
فيصل ختم كلامه بالقول: إنه “ليس الإنصاف والعدل بعد سنوات من التعب والتهجير ألا أستطيع معادلة شهادتي في بلدي بعد كل الذي عانيناه وقدمناه في سبيل الثورة”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية