جدول المحتويات
«نبض الخليج»
شهد قطاع التجميل في سوريا انتعاشاً تدريجياً بعد سقوط نظام الأسد المخلوع، مستقطباً الزبائن خاصة السوريين اللاجئين والمغتربين، بحسب شهادات لعاملين في المجال الطبي.
ولا يقتصر الإقبال على العمليات التجميلية البحتة، إنما يشمل تدخلات طبية لإخفاء الندوب وتصحيح التشوهات الخلقية أو الناتجة عن إصابات خلال سنوات الحرب، وغيرها من العمليات الترميمية.
وتشكل الخبرة وسمعة الطبيب عوامل جذب إلى جانب الأجور المنخفضة مقارنة بدول أخرى، رغم ارتفاعها مقارنة بالوضع المعيشي، حيث يعيش 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر.
وخلال السنوات الماضية، كان قطاع التجميل مجالاً يستقطب الكثير من العاملين في الطب، ووجهة للزبائن والوافدين من خارج البلاد، رغم التحذيرات والمخاطر الأمنية في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.
كلفة أقل
استغلت السيدة عفاف سعد (47 عاماً) زيارتها إلى سوريا لإجراء عملية قص وشد أجفان علوية، في أيار/مايو الماضي، بكلفة بلغت مليوناً و600 ألف ليرة سورية (ما يعادل 160 دولاراً أميركياً) في عيادة تجميل بمدينة اللاذقية.
وتقول عفاف إنها تشجعت للعملية بعد نصيحة شقيقتها، فضلاً عن انخفاض الكلفة 9 أضعاف مقارنة بألمانيا حيث تسكن، إذ تبلغ أجور العملية نفسها 1300 يورو.
وأجرى الشاب ياسين صباغ (31 عاماً) عملية تبييض ليزري لأسنانه حين زار مدينة دمشق قادماً من ألمانيا، في تموز/يوليو الماضي، خاصة أن التأمين الصحي في ألمانيا لا يغطي الإجراءات التجميلية، على حد تعبيره.
ويقول ياسين، في حديثه لموقع “تلفزيون سوريا”، إن تنظيف الأسنان مع التبييض كلّفه 750 ألف ليرة سورية، بينما تبلغ الكلفة بين 370 و450 يورو في ألمانيا (ما يعادل نحو 5 ملايين ليرة).
ويشعر الشاب بالرضا عن تجربته، مشيراً إلى أن انخفاض الكلفة لا يعني بالضرورة تدني مستوى الجودة، إنما الأوضاع الاقتصادية في سوريا تفرض حداً معيناً للأجور، لا سيما أن الأسعار متقاربة إلى حد كبير بين المراكز والعيادات.
وتختلف أجور عمليات التجميل في سوريا تبعاً لنوع المواد المستخدمة وجودتها، والأجهزة والتقنيات، وخبرة الطبيب، وموقع العيادة، والعروض والمنافسة، وكلفة المواد المستوردة، وسعر صرف الليرة السورية.
ويتراوح سعر حقنة البوتوكس من 300 ألف ليرة سورية إلى 750 ألفاً بحسب نوع المادة، وحقنة الفيلر من 400 ألف إلى 700 ألف ليرة.
وتبدأ كلفة قص الأجفان العُلوية بمليون و200 ألف ليرة سورية، وجلسة تنظيف البشرة بـ150 ألف ليرة، وتبييض الأسنان ليزرياً بـ500 ألف.
ووفقا لسعر الصرف، فإن كل دولار أميركي يعادل 10350 ليرة سورية، ويعادل اليورو الواحد 12000 ليرة سورية، مع نسب انخفاض وارتفاع ضيئلة.
زيادة في حضور الوافدين
في الأسابيع الأولى لسقوط النظام المخلوع شهد قطاع التجميل فتوراً، ولكن سرعان ما انتعش سوق التجميل تدريجياً، بحسب مركز “أسيل بيوتي” للتجميل في مدينة دمشق.
ورغم التحسن، ما يزال الإقبال منخفضاً بنحو 30 بالمئة مقارنة بعام 2024، وذلك من ناحية إجراء العمليات التجميلية.
وأوضح المركز أن هناك تحسناً على صعيد توافد المغتربين، إذ زاد حضورهم لإجراء العمليات بنسبة 10 بالمئة عن عام 2024، إلا أن ذلك لم يكن بالشكل المأمول.
ويرى القائمون على المركز أن هناك بعض الانكماش على صعيد عمليات التجميل وغيرها من القطاعات، مرجعين السبب إلى الحالة الأمنية غير المستقرة أحياناً، وقلة السيولة، علماً أن المركز خفّض الأسعار أكثر من 45 بالمئة.
وكان جزء من التخفيض طبيعياً بسبب تحسن الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، وسهولة استيراد المنتجات على عكس ما كان عليه الوضع أيام النظام السابق.
الانتعاش مرهون باستقرار الأمن
الطبيبة رنيم النقري المتخصصة بالجراحة التجميلية، تقول إن الإقبال على عمليات التجميل تراجع بنسبة تُقدّر بـ60 بالمئة خلال الأشهر الثمانية الماضية، مع تحسن طفيف خلال الشهرين الماضيين.
وتضيف في حديثها لموقع “تلفزيون سوريا” أن حركة السياحة التجميلية من لبنان تراجعت جداً بعدما كانت نشطة سابقاً، مشيرة إلى إقبال محدود من إدلب وحلب باتجاه المحافظات الثانية، مع توافد متواضع من قبل السوريين الموجودين في أوروبا، والذين قدموا في زيارات إلى بلدهم.
وتشير الطبيبة إلى أن أبرز العمليات التي أُجريت في عيادتها بمدينة حمص، كانت نحت الجسم والأنف، وبنسبة أقل لجراحات الثدي والوجه والعنق.
وتتوقع الطبيبة انتعاش قطاع التجميل أكثر من السابق، وذلك مع ضمان استقرار الأمن، معتبرة أن الأمر يتطلب بعض الوقت.
وتشهد سوريا توترات أمنية بوتيرة غير ثابتة، كان أبرزها اشتباكات في الساحل السوري مطلع آذار/ مارس الماضي، بالإضافة إلى مواجهات دامية في السويداء خلال تموز/يوليو الماضي، والتي أودت بحياة المئات من السوريين.
وكانت سوريا تشهد إقبالاً من اللبنانيين لإجراء عمليات تجميل، مدفوعين بانخفاض الكلفة وسهولة الوصول، لا سيما عبر الطريق البري بين لبنان ودمشق، رغم المخاطر الأمنية في عهد الأسد.
وفي شباط/فبراير، اعتبر نقيب الأطباء في لبنان، الدكتور يوسف بخاش، أن هذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها شهدت ازدياداً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، خاصة بعد تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان و”هدوء الوضع في سوريا إلى حدّ ما عمّا كان عليه في بداية الحرب”.
60 مركزاً مرخصاً
كانت الجهات المسيطرة على مختلف الجغرافيا السورية تضع معايير لتنظيم مهنة التجميل وإصدار تراخيص للمراكز، للتقليل والحد من الأخطاء الطبية، منها قرار وزارة الصحة في حكومة نظام بشار الأسد المخلوع، عام 2023.
وحددت الوزارة حينها الأطباء الذين يحق لهم ممارسة هذه المهنة وهم أطباء الجلدية والجراحة التجميلية، وأطباء الأذنية ويكون مجال عملهم في الأنف وأطباء العينية ويكون اختصاصهم بالعين فقط.
وكذلك صدرت قرارات مشابهة في إدلب حيث كانت تسيطر حكومة “الإنقاذ”، وشمال شرقي سوريا حيث تسيطر “الإدارة الذاتية”.
يؤكد مدير المراكز الخاصة والعيادات في وزارة الصحة السورية، الدكتور حسام قره محمد، أن منح ترخيص مراكز التجميل مشروط بوجود متخصص تجميل، ما يسهم في رفع سوية العمل الطبي وضبط الممارسة المهنية.
ويقول في حديثه لموقع “تلفزيون سوريا” إن الوزارة تحث الكوادر الطبية على تقديم خدمات أكثر دقة وجودة، مع متابعة أحدث برامج وتقنيات التجميل عالمياً، والعمل على تطبيقها محلياً.
ويضيف قره محمد أن عدد مراكز التجميل المرخّصة في سوريا يبلغ 60 مركزاً، من بينها 5 مراكز حصلت على الترخيص خلال العام الجاري، في حين توجد 4 مراكز أخرى قيد استكمال إجراءات الترخيص.
وخلال السنوات الماضية، برز توجه واضح ورغبة لدى الأطباء في سوريا باختيارهم اختصاص التجميل دوناً عن غيره، بسبب المردود المادي الذي لا يوازي أي تخصص آخر.
وفي عام 2021، أشارت إحصائية إلى أن سوريا خرّجت في السنتين الأخيرتين أطباء مختصين في التجميل أضعاف عدد الأطباء المختصين بالاختصاصات النادرة، مثل التخدير والجراحة الصدرية والعصبية، مع تقديرات حينها بأن عدد الأطباء في سوريا ما بين 25 ألفاً إلى 27 ألف طبيب.
وتترافق عمليات التجميل مع تحذيرات من مخاطرها، إذ تنطوي جميع العمليات الجراحية، بما فيها الإجراءات التجميلية على مخاطر ومضاعفات أبرزها صعوبة التئام الجروح والجلطات الدموية والعدوى، وتراكم السوائل تحت الجلد، وفق المؤسسة الطبية الأميركية “Mayo Clinic“.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية