«نبض الخليج»
تتواصل في منطقة عفرين شمالي حلب أعمال حملة بيئية تحمل عنوان “عفرين تستاهل”، أطلقها مجموعة من الناشطين بهدف زراعة 30 ألف غرسة من الأشجار الحراجية في حرش بحيرة ميدانكي، إحدى أبرز المناطق الطبيعية التي تعرضت لدمار واسع بسبب القطع الجائر للأشجار منذ عام 2018.
وتهدف الحملة إلى إعادة إحياء الغطاء النباتي وتعزيز التوازن البيئي في المنطقة، حيث انطلقت عمليات حفر الجور تمهيداً لبدء غرس الأشجار مطلع شهر تشرين الثاني المقبل، وقد حظي القائمون على الحملة بدعم رسمي من إدارة المنطقة ومديرياتها الخدمية، التي أعلنت تقديم الدعم اللوجستي لضمان نجاح المبادرة، على أن تمتد لاحقاً إلى أحراش ومناطق متضررة أخرى في محيط عفرين.
عفرين تستاهل
قال أبو شام، وهو أحد القائمين على الحملة، لموقع تلفزيون سوريا إن “مبادرة عفرين تستاهل جاءت لإنقاذ الموارد الطبيعية في المنطقة، وفي مقدمتها الغابات التي تعد رئتها الخضراء، هي خطوة رمزية، لكنها تحمل معنى عميقاً بإعادة الأمل والحياة إلى الطبيعة المتدهورة في المنطقة”.
وأوضح أبو شام أن فكرة الحملة بدأت “بمبادرة فردية صغيرة، ثم توسعت تدريجياً بعد تفاعل الأصدقاء ودعم الجهات الرسمية والأهلية”، مضيفاً أن “المرحلة الأولى تتضمن زراعة 30 ألف شجرة من الأصناف الحراجية التي تتناسب مع مناخ المنطقة، مثل الصنوبر، السماق، الغار، الكينا وغيرها من الأصناف التي تتناسب مع مناخ المنطقة”.
وأشار أبو شام، إلى أن البداية كانت تطوعية خالصة، لكن المبادرة سرعان ما توسعت بعد انضمام عدد كبير من الناشطين والمتبرعين الذين قدموا دعماً مالياً ساعد على تشغيل عمال للحفر والتهيئة، وقال: “رغم كل الأصوات المحبطة التي حاولت التشكيك والتشويش لإفشال الحملة، وقف الجميع صفاً واحداً، ونجحنا بتحقيق الهدف الأول، إذ جمعنا المبلغ اللازم لتجهيز حفر الغراس، وبدأنا فعلياً بتنفيذ العمل على الأرض، وكل خطوة نوثّقها بشفافية تامة، حتى يطمئن كل من وثق بنا إلى وجود جدية ومصداقية حقيقية في إنجاح هذا المشروع”.
وأضاف: “اليوم أمامنا تحدٍ جديد، يتمثل في حفر أكثر من 30 ألف حفرة استعداداً للزراعة، وكلفة الحفرة الواحدة لا تتجاوز 8 ليرات تركية، أي أن أي مساهمة بسيطة يمكن أن تحدث فرقاً وتسهم في إنجاح المشروع الكبير”، موضحاً أن جزءاً من التبرعات التي جمعت سيتم تخصيصه لتغطية تكاليف الحفر، مشيراً إلى أن مديرية الأحراج وعدت بتقديم دعم إضافي بالأشجار في حال تمكن الفريق من إنجاز 50 ألف حفرة”.
وتابع قائلاً: “نستعين يومياً بعمال للعمل في الموقع، لكن الحرش صعب التضاريس ويحتاج إلى جهد وتكاتف الجميع، لذلك ندعو كل قرية قادرة أن تبعث مجموعة من شبابها، وسنخصص لهم يوماً كاملاً للمشاركة، كل يد تمتد إلينا تقربنا خطوة من الهدف، وكل مساهمة مهما كانت بسيطة، تزرع معها شجرة أمل جديدة في عفرين”.
حرش ميدانكي
اختيرت منطقة حرش ميدانكي كنقطة انطلاق للحملة لما تمثله من رمز بيئي وسياحي بارز في ريف عفرين، إذ كانت في السابق محاطة بغابات صنوبرية كثيفة تضررت بنسبة تتجاوز 90%، كما أنها تطل على بحيرة ميدانكي الشهيرة التي تتوسطها جزيرة صغيرة كانت مليئة بالأشجار الحراجية دائمة الخضرة قبل أن تصل إليها أيدي الحطابين.
وتعتبر ميدانكي من أجمل المقاصد الطبيعية شمالي سوريا، وتستقطب الزوار من مختلف مناطق ريف حلب وسائر الشمال السوري. وبهذه الخطوة، يأمل القائمون على الحملة أن تكون حملة “عفرين تستاهل” بداية لاستعادة الحزام الأخضر للمنطقة، وإحياء ثقافة حماية البيئة كجزء من مسؤولية المجتمع تجاه أرضه ومستقبله.
في المقابل، تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر راعي أغنام داخل حرش ميدانكي، وأرفقت الصور في الغالب بعبارات تقلل من أهمية حملة التشجير، وأنها لن تحدث فرقاً طالما لم تكون هناك رقابة أمنية تمنع التعدي على الأحراش، ليس فقط منع الحطابين من دخولها بل أيضاً منع رعاة الأغنام وكل شخص يتسبب بالضرر.
وقال أبو شام إن “الصور صحيحة، لكن عمليات الزراعة لم تبدأ بعد، وما يجري حالياً هو مرحلة تجهيز الحُفَر فقط تمهيداً لغرس الأشجار خلال الفترة المقبلة”، مشيراً إلى أن الحملة تعمل بالتنسيق مع الجهات الرسمية على تجهيز مخفر خاص بالأحراج بهدف ضبط المنطقة ومنع أي تعديات أو رعي مخالف.
وأضاف أن الجهات المعنية “ألقت القبض على الراعي المخالف، وسيُتخذ بحقه الإجراء القانوني المناسب”، داعياً الأهالي إلى احترام الأملاك العامة والحفاظ على حرش ميدانكي، باعتباره “مسؤولية جماعية ومتنفساً طبيعياً يجب حمايته من أي عبث أو تجاوز”.
وبحسب أبو شام، فإن أعمال التشجير لن تقتصر على حرش ميدانكي، بل ستتوسع لتشمل أحراشاً ومناطق أخرى في ريف عفرين، ضمن خطة تهدف إلى إعادة إحياء الحزام الأخضر للمنطقة، وأوضح أن المرحلة المقبلة ستشمل كلاً من حرش حج حسنلي، حرش قرتمتلق، حرش ترندة، حرش الباسوطة، وحرش الزيدية، مشيراً إلى أن الهدف هو تعميم التجربة وتحويلها إلى مشروع بيئي مستدام يعيد لعفرين جمالها الطبيعي وتنوعها النباتي، والأحراش المستهدفة جميعها متضررة وفقدت القسم الأكبر من غطائها النباتي بسبب عمليات التحطيب والقطع الجائر خلال السنوات الماضية.
شارك هذا المقال
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية