جدول المحتويات
«نبض الخليج»
شهدت أسواق الأدوات الكهربائية في دمشق تحسناً نسبياً في حركة البيع، لا سيما بعد الانخفاض الكبير في الأسعار الذي تراوحت نسبته بين 40% و70%، مقارنةً بما كانت عليه قبل سقوط نظام الأسد.
وعلى الرغم من هذا التراجع اللافت في الأسعار، فإن حجم الإقبال على الشراء لا يزال دون المتوقع، نتيجة لاستمرار نقص السيولة لدى المواطنين بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها معظمهم. فالأرقام المعلنة على واجهات المحال التجارية بقيت أعلى بكثير من قدرة هؤلاء على اقتنائها.
ويرى آخرون أن امتلاك براد أو غسالة أو شاشة تلفزيونية أو غيرها من الأدوات، من دون توفر تيار كهربائي مستمر، لا يمثل أمراً مغرياً بالنسبة لهم، خاصةً مع استمرار ساعات التقنين الطويلة في ظل أزمة الكهرباء التي أرّقت السوريين عموماً منذ أكثر من 14 عاماً.
أصحاب المحال: حركة البيع ما تزال ضعيفة
في جولة ميدانية في أسواق دمشق، أكد أصحاب المتاجر أن الأسعار انخفضت بشكل لافت نتيجة لتراجع سعر الصرف، وإلغاء أو تخفيض بعض الرسوم الجمركية التي كانت مفروضة على الأجهزة المستوردة.
وفي هذا السياق، يوضح سامر موازيني، وهو صاحب صالة لبيع الأجهزة الكهربائية، لموقع تلفزيون سوريا، أن سعر بعض الشاشات الذكية انخفض من 550 دولاراً إلى 280 دولاراً، في حين تراجعت أسعار البرادات الأجنبية من 3000 دولار إلى نحو 1350 دولاراً. كما سجلت الغسالات المستوردة سعة 7 كغ انخفاضاً من نحو 600 دولار إلى 335 دولاراً فقط، أما أسعار الأفران الغازية فقد هبطت من 200 دولار إلى نحو 110 دولارات، إلا أن عملية البيع لم تنشط إلا في حدودها الدنيا رغم هذا الانخفاض.
ويضيف موازيني أن لائحة أسعار الأدوات في صالة البيع اليوم مختلفة تماماً عما كانت عليه قبل سقوط النظام المخلوع. فعلى سبيل المثال، كان يتراوح سعر البراد ذي الباب الواحد من طراز SD607 بين 17 و20 مليون ليرة سورية، في حين تراوح سعره اليوم بين 6 و7 ملايين ليرة. وقد شمل هذا الانخفاض أيضاً الأدوات الكهربائية الصغيرة، حيث هبطت أسعار الخلاطات، ومفارم اللحمة والخضر، ومضارب الخلط وأباريق التسخين بنحو 50%.
باحثون: معظم المستهلكين لا يملكون حتى نصف أثمان الأدوات
يوضح الباحث الاقتصادي شادي محمد لموقع تلفزيون سوريا أن الانخفاض الحاصل في الأسعار لم ينعكس بزيادة قوية في المبيعات كما كان متوقعاً، بسبب تدهور القوة الشرائية لدى معظم العائلات السورية نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد عموماً منذ نحو عقد ونصف من الزمن.
ويضيف محمد: “صحيح أن الأسعار أصبحت في متناول اليد مقارنةً مع ما كانت عليه سابقاً، لكن كثيراً من الناس اليوم لا يملكون حتى نصف المبالغ اللازمة للشراء، فالشخص الذي كان عاجزاً عن دفع 10 ملايين ليرة سابقاً، هو اليوم عاجز عن دفع 4 إلى 5 ملايين. وبالتالي، لم يتغير الأمر كثيراً بالنسبة لمعظم المستهلكين السوريين، الذين يتركز اهتمامهم حالياً على تأمين الحاجات الأساسية، لتبقى عملية شراء الأدوات الكهربائية من الكماليات التي لا قدرة لهم عليها في هذه المرحلة”.
ويشير محمد إلى أن الأسعار الحالية تُعتبر فرصة، لكنها تصطدم بواقع اقتصادي صعب. فبعض الأجهزة الكهربائية مثل البرادات الكبيرة، التي كانت تُباع بسعر 20 مليون ليرة قبل سقوط النظام، انخفضت إلى 8 ملايين، ومع ذلك تبقى عملية بيعها صعبة.
وأضاف: قبل سقوط النظام، كان جزء كبير من الأدوات الكهربائية الأجنبية، مثل الغسالات من نوع LG، يدخل البلاد تهريباً بسبب حظر الاستيراد، مما كان يرفع أسعارها نتيجة كلفة النقل والتخزين والرشاوى الجمركية. أما اليوم، ومع تخفيف القيود الجمركية، فقد انخفض سعر الغسالة 7 كغ من نحو 650 إلى 360 دولاراً، وتتفاوت الأسعار بحسب النوع والمصدر، ورغم هذا الانخفاض، فإن القدرة الشرائية بقيت العائق الأكبر أمام عودة الانتعاش إلى السوق.
مواطنون: شراء الكهربائيات من الكماليات.. والحل في التقسيط المريح
وفي السياق ذاته، يشتكي مواطنون من قلة حيلتهم، وهم يقرؤون لوائح تخفيضات الأسعار التي يحرص أصحاب المحال على تعليقها في الواجهات والتي وصلت إلى نحو 70% لتشجيع الزبائن، لكن ذلك لم يغيّر شيئاً من الواقع، فالقوة الشرائية لدى معظمهم تكاد تكون معدومة.
وتقول السيدة أم محمد، وهي ربة منزل من حي ركن الدين بدمشق: “انخفض سعر الغسالة إلى النصف، لكن من أين لنا حتى نشتريها؟ فابني عاطل عن العمل منذ فترة طويلة، وأنا وزوجي بالكاد نستطيع تأمين قوت يومنا، ولا إمكانية لدينا للتفكير بشراء الأدوات الكهربائية أو الأثاث المنزلي والمفروشات، ونحن نعتبرها من الكماليات حالياً”.
بدورها، ترى سعاد قضماني، وهي موظفة، أن انخفاض أسعار الأدوات الكهربائية أمر جيد، بعد الارتفاع الكبير الذي شهدته خلال السنوات الماضية، حيث اقتصرت عملية شرائها على الأغنياء والأسر الميسورة. أما بقية فئات المجتمع، فظلت عاجزة عن الشراء، ولجأت إلى الصيانة المتكررة لما تملكه من أدوات.
ويقترح سعيد الحموي، وهو موظف، أن تتم إتاحة المجال لبيع الأدوات الكهربائية بالتقسيط، ويقول: “يمكن أن تتحرك عملية بيع وشراء الأدوات الكهربائية من خلال تقسيط الشراء للموظفين وأصحاب الدخول الشهرية المحدودة، عبر اقتطاع نسبة من أجورهم الشهرية على مدى سنة أو أكثر”.
وتابع: “يبقى هذا الحل أفضل من عدم الشراء كلياً، ويمكن أن تتم هذه العملية عبر الصالات التابعة للقطاع العام، وتنتقل تدريجياً إلى صالات البيع الخاصة، وبذلك تُحل مشكلة كثير من الشباب المقبلين على الزواج، ويصبح بإمكانهم تأمين ما يلزمهم من أدوات من خلال عملية التقسيط المريح، أسوةً بما هو معمول به في العديد من الدول العربية والأجنبية”.
يُشار إلى أن مشهد الأسواق في دمشق اليوم يوحي بانتعاش نسبي مقارنةً بفترة ما قبل سقوط النظام المخلوع، إلا أن هذا الانتعاش يظل محدوداً مقارنة بحجم الانخفاض الكبير في الأسعار، وسط ترقّب لكيفية تطور الأوضاع المالية للأسر السورية في الأشهر المقبلة، مع أجواء رفع العقوبات عن سوريا والانفتاح الاقتصادي المتوقع خلال المرحلة المقبلة.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية