جدول المحتويات
«نبض الخليج»
مع صدور نتائج امتحانات شهادة الثانوية أو الإعدادية، دائما ما تشهد مناطق متفرقة في سوريا حالات إطلاق رصاص طائش خلال احتفالات أهالي الطلاب الناجحين، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا، الأمر الذي تكرر هذا العام مع صدور نتائج الشهادة الثانوية في سوريا 2024 – 2025.
ورغم التحذيرات المتكررة، واستنكار المدنيين والهيئات الطبية، لا تزال ظاهرة إطلاق الرصاص في الهواء خلال المناسبات مستمرة، ويعد إعلان نتائج البكالوريا أحد أبرز هذه المناسبات التي تكرر فيها مشاهد إطلاق النار بشكل هستيري.
ففي محافظة درعا، قُتل الشاب زكوان محمد أبازيد، أمس الأحد، إثر طلق ناري طائش خلال احتفالات نتائج البكالوريا، وذلك أثناء وجوده على سطح منزله في درعا البلد.
وسبق مقتل أبازيد، وفاة الطفلة بيلسان الحمصي، في الصف الثاني الابتدائي، متأثرة برصاصة طائشة في الرأس خلال الاحتفالات، في بلدة نمرة بريف درعا الشرقي.
في حين سقطت طلقات رصاص على المنازل في درعا البلد وقرى الريف الشرقي والغربي بمحافظة درعا.
وقال مصدر في قيادة الأمن الداخلي في محافظة درعا، لموقع تلفزيون سوريا، إن قيادة الشرطة تلقت شكاوى عدة من قبل المواطنين للحد من ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي خلال المناسبات.
وأكد المصدر أن قيادة الأمن الداخلي في درعا ستصدر تعليمات صارمة حول استخدام السلاح، وتفعل قوانين لتجريم إطلاق النار العشوائي في المناسبات، بعقوبات مشددة تصل إلى السجن والغرامية المالية ومصادرة السلاح.
ضحايا وإصابات في مناطق عدة
وفي دير الزور، ذكرت شبكات محلية أن ثلاثة أشخاص قتلوا، جراء إطلاق نار عشوائي من سلاح رشاش خلال احتفال بنجاح أحد الطلاب في امتحانات البكالوريا العامة في حي هرابش بمدينة دير الزور شرقي سوريا.
وأصيب أشخاص آخرون بينهم امرأة، وتعرض شاب لجروح بليغة، أيضاً، إثر انفجار قنبلة يدوية خلال الاحتفال بصدور نتائج الشهادة الثانوية في بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي، وفق ما ذكرته مصادر محلية بالمحافظة لموقع تلفزيون سوريا.
وفي تل أبيض الشرقي التابع لمحافظة الرقة، أُصيبت الطفلة وئام أحمد المصطفى (13 عاماً) برصاصة طائشة في الكتف اليمنى، وهي حالياً تحت المراقبة الطبية. وفي محافظة حمص وسط البلاد، أُصيب شاب بجروح جراؤ إطلاق عشوائي للرصاص.
إطلاق النار العشوائي في قانون العقوبات السوري
يشير المحامي والمتخصص في القانون الجنائي، عمار الخطيب، خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن إطلاق الرصاص العشوائي خاصة في المناسبات الاجتماعية كإعلان نتائج الشهادة الثانوية، هو سلوك مجرَّم قانونياً بشكل واضح في قانون العقوبات السوري، ويمكن أن يفضي إلى تبعات جنائية تصل إلى السجن لسنوات طويلة، بحسب النتائج التي يترتب عليها الفعل.
ووفقاً لقانون العقوبات السوري، أوضح عمار الخطيب التالي:
- إطلاق النار في الهواء دون سبب مشروع يعتبر استخدماً غير مشروع للسلاح ويصنف ضمن الجرائم التي تهدد السلامة العامة، حتى وإن لم يصب أحد بأذى.
- إذا اسبب إطلاق النار في إصابة شخص، فإن الفاعل يُلاحق بجريمة “الإيذاء العمد أو الإيذاء الناتج عن إهمال واستخفاف”.
- في حال تسبب إطلاق الرصاص العشوائي في وفاة شخص فإن القضية تصبح جريمة قتل، وتسجل على أنها قتل “غير عمد” بموجب المادة 536 من قانون العقوبات السوري، إلا أن المحكمة في بعض الحالات قد تشدد العقوبة وتعتبرها “شبه عمد” أو “قتل عن طريق التسبب” إذا ثبت علم الفاعل بخطورة سلوكه.
ومن أجل ضبط ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي في الاحتفالات، لفت الخطيب، إلى ضرورة تشديد العقوبات المتعلقة بإطلاق النار العشوائي، وتفعيل دور الأجهزة الأمنية في ضبط السلاح غير المرخص، إضافة إلى منع حمل السلاح في المدن والمناسبات العامة، وإطلاق حملات توعية قانونية ومجتمعية تشرح للمواطنين أن الفرح لا يبرر تعريض حياة الآخرين للخطر.
الرصاص العشوائي تراكم لأزمة مجتمعية
وحول دوافع استخدام السلاح كتعبير عن الاحتفال، قالت الخبيرة في علم الاجتماع والأستاذة في جامعة حلب، رنا مسلم، لموقع تلفزيون سوريا، إن ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات، وخاصة عند صدور نتائج امتحانات الشهادة الثانوية، هي سلوك اجتماعي متوارث يعكس خللاً عميقاً في الثقافة المجتمعية وفهم مفهوم الفرح والتعبير عنه.
وأضافت أن “المجتمع السوري، كغيره من المجتمعات الشرقية، يعاني أحياناً من الخلط بين الفرح والانفعال، وبين التعبير الحضاري والسلوك العنيف، والرصاص الطائش ليس مجرد تصرف فردي، بل هو نتاج تراكمات اجتماعية، حيث يُنظر إلى السلاح في بعض المناطق كرمز للقوة والرجولة، بل وأحياناً للفخر”، وفقا لتعبيرها.
وأشارت إلى أن الحرب التي شهدتها سوريا في السنوات الماضية ساهمت في تطبيع مظاهر العنف، بما في ذلك حمل السلاح واستخدامه في غير محله، وأصبحت بعض التصرفات العنيفة تُبرَّر اجتماعياً تحت مسميات مثل “الفرحة”، أو “الزفة”، رغم أنها في حقيقتها انتهاك صريح لحق الآخرين في الأمان والحياة.
وتعتقد رنا مسلم أن الحل لا يمكن أن يكون أمنياً أو قانونياً فقط، بل يجب أن يكون تربوياً وثقافياً، عبر دمج مفاهيم السلوك المدني، والسلامة العامة في المناهج التعليمية، وتنظيم حملات توعية مجتمعية بمشاركة رجال الدين، والإعلام، والمدارس، كما يجب أن يكون هناك إدانة جماعية علنية لمطلق الرصاص، وعدم التستر عليه باعتباره “أبن الجيران، أو قريب للعائلة”.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : شبكة المعلومات الدولية