جدول المحتويات
كتب: هاني كمال الدين
في تصعيد خطير يعكس اشتداد التوتر في الشرق الأوسط، نفذت إيران صباح اليوم هجوماً صاروخياً واسع النطاق استهدف مجموعة من الأهداف الحساسة داخل إسرائيل. ووفقاً لما أعلنه الحرس الثوري الإيراني في قناته الرسمية على تطبيق “تيليغرام”، فإن الهجوم جاء رداً مباشراً على التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة، حيث طالت الضربات الإيرانية مطار بن غوريون الدولي، مركز الأبحاث البيولوجية الإسرائيلي، بالإضافة إلى قواعد الدعم العسكري ومراكز اتخاذ القرار بمختلف مستوياتها في إسرائيل.
الأهداف المستهدفة: رسائل استراتيجية من طهران
أوضح الحرس الثوري الإيراني في بيانه أن الهجوم الصاروخي استهدف بدقة عالية مطار بن غوريون، الذي يعد البوابة الجوية الرئيسية لإسرائيل، فضلاً عن استهداف مركز الأبحاث البيولوجية الإسرائيلي الذي يضطلع بأبحاث ذات طبيعة استراتيجية وحساسة. كما استهدفت الضربات قواعد الدعم اللوجستي والمراكز القيادية العسكرية والمدنية في عمق الأراضي الإسرائيلية.
ويأتي اختيار هذه الأهداف بعناية في إطار استراتيجية إيرانية تهدف إلى توجيه رسالة مزدوجة لإسرائيل وحلفائها الدوليين، مفادها أن طهران قادرة على ضرب المنشآت الحيوية التي تشكل عصب الحياة العسكرية والاقتصادية والسياسية في إسرائيل.
تفاصيل العملية: صواريخ بعيدة المدى بتقنية متطورة
أفاد الحرس الثوري أن العملية العسكرية جرت باستخدام مزيج من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي تعمل بالوقود السائل والصلب. وتتميز هذه الصواريخ بقدرتها العالية على المناورة والدقة في إصابة الأهداف، وهو ما عكس نجاح الضربة من حيث الوصول إلى مواقع حساسة داخل العمق الإسرائيلي، رغم الأنظمة الدفاعية المتطورة التي تمتلكها إسرائيل.
ويؤكد المراقبون العسكريون أن استخدام هذا النوع من الصواريخ يعكس تطوراً ملحوظاً في القدرات التسليحية الإيرانية، ويشير إلى أن طهران باتت تملك ترسانة صاروخية متقدمة قادرة على تهديد الأمن القومي الإسرائيلي بشكل مباشر.
أبعاد التصعيد: دعوات أوروبية للتهدئة وسط تصاعد المخاوف النووية
في خضم هذا التصعيد الحاد، دعت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا كالлас كلاً من إيران وإسرائيل والولايات المتحدة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، محذرة من أن استمرار هذا المسار التصعيدي قد يقود المنطقة إلى حرب واسعة النطاق يصعب احتواؤها. وشددت كاللاس على ضرورة منع إيران من تطوير سلاح نووي، معتبرة أن امتلاك طهران لقدرات نووية يشكل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار المنطقة برمتها.
تصريحات كاللاس تأتي في وقت حساس للغاية، حيث تعكس قلق المجتمع الدولي من تداعيات استمرار المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، خصوصاً في ظل ارتباط هذه المواجهة بالملف النووي الإيراني المعقد.
الضربة الأمريكية المفاجئة: واشنطن تدخل على خط المواجهة
في تطور متسارع وغير مسبوق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الساعات الأولى من فجر اليوم عن تنفيذ القوات الجوية الأمريكية ضربات دقيقة استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسية، شملت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان. واعتبر ترامب أن هذه الضربة تمثل “لحظة تاريخية” للولايات المتحدة وإسرائيل والمجتمع الدولي بأسره.
وأكد ترامب أن النجاح الساحق لهذه العملية العسكرية من شأنه أن يدفع إيران إلى إعادة النظر في سياساتها والعودة إلى مسار المفاوضات السلمية. وأشار إلى أن الضربة الأمريكية تمثل رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لن يسمح لطهران بامتلاك قدرات نووية تهدد أمن المنطقة والعالم.
حسابات معقدة ومخاوف من انفجار الوضع الإقليمي
تؤكد مصادر دبلوماسية مطلعة أن هذا التصعيد المتبادل بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، ينذر بإمكانية انزلاق المنطقة إلى مواجهات شاملة قد تتجاوز حدود المواجهة التقليدية إلى صراع إقليمي أوسع يشارك فيه عدد من الأطراف الدولية الفاعلة.
ويحذر خبراء في شؤون الشرق الأوسط من أن استمرار “هجوم إيران على إسرائيل” وردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية قد يقود إلى تداعيات كارثية على الاستقرار الدولي بأسره، خصوصاً مع انخراط قوى إقليمية كبرى في هذا الصراع، وتعدد جبهات المواجهة المحتملة.
مستقبل الاتفاق النووي في مهب الريح
اللافت في خضم هذا التصعيد هو تراجع فرص استئناف المحادثات النووية بين طهران والقوى الدولية، حيث ترى عواصم غربية أن مواصلة إيران تطوير برنامجها النووي بالتوازي مع تنفيذ هجمات صاروخية ضد إسرائيل يعكس تصعيداً خطيراً يقوض فرص التوصل إلى تسوية دبلوماسية سلمية.
وفي المقابل، تؤكد طهران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، متهمة الولايات المتحدة وإسرائيل بمحاولة تعطيل أي مسار تفاوضي جاد عبر تصعيد عسكري متعمد.
السيناريوهات المقبلة: بين الحرب الشاملة والعودة إلى التفاوض
تشير التحليلات السياسية إلى عدة سيناريوهات محتملة في المرحلة المقبلة. السيناريو الأول يتمثل في تصعيد متبادل قد ينتهي بمواجهة عسكرية إقليمية واسعة النطاق يصعب التحكم بنتائجها، خصوصاً مع تعقيد شبكة التحالفات العسكرية القائمة في المنطقة.
أما السيناريو الثاني، فيقوم على ضغوط دولية مكثفة لإجبار الأطراف على وقف التصعيد والعودة إلى طاولة المفاوضات، مع وضع ضمانات صارمة تمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
في حين يتخوف البعض من سيناريو ثالث أكثر خطورة، يتمثل في انزلاق المواجهة إلى حرب بالوكالة تمتد إلى ساحات متعددة في المنطقة تشمل لبنان وسوريا والعراق واليمن، ما ينذر بإشعال فتيل أزمة قد تمتد تداعياتها إلى عقود مقبلة.
الرأي العام الدولي منقسم والقلق يتزايد
أثارت هذه التطورات المتلاحقة جدلاً واسعاً على الصعيد الدولي، حيث عبرت بعض الدول عن دعمها للضربة الأمريكية باعتبارها خطوة ضرورية لوقف طموحات إيران النووية، في حين دعت أطراف أخرى إلى ضبط النفس وتغليب لغة الحوار لتجنب كارثة إقليمية.
وفي خضم هذا الانقسام الدولي، يبقى مصير المنطقة معلقاً على قدرة القوى الكبرى في إيجاد مخرج دبلوماسي ينقذ الشرق الأوسط من دوامة العنف المتصاعد.
للمزيد: تابع موقع نبض الخليج ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر